للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[أهمية العدل بين الأولاد والزوجات]

الحمد لله؛ شمل الأنام بواسع رحمته، وصرف العالم ببالغ حكمته، لا يشغله شأن عن شأن وهو الحكيم الخبير، أحمده سبحانه وأشكره وأتوب إليه وأستغفره، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن سيدنا ونبينا محمداً عبد الله ورسوله، أصدق الناس في الأقوال وأرشدهم في الأفعال، وأعدلهم في الأحكام، صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وصحبه خير صحبٍ وآل، والتابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم المآل.

أما بعد:

فاتقوا الله أيها الناس، واستقيموا إليه واستغفروه، وأعدوا من الأعمال الصالحة ما يقربكم لديه.

أيها الإخوة: وكما يكون العدل في الأبعدين فهو كذلك في الأهلين والأقربين، وأحق الناس بالعدل أبناؤك، فمن ابتغى بر أبنائه وبناته، وأن يحبوه في حياته، ويترحموا عليه بعد مماته، وتصفو قلوبهم فيما بينهم، فليتق الله وليقم العدل فيما بينهم، وليسوِّ بينهم في العطية والمعاملة والنظرة والابتسامة.

وليتق الله أولئك الذي يحرمون بعض المستحقين من الذرية في عطية أو وصية، فذلك حرام وجور وظلم، والوصية به وصية ظلم وجور ومخالفة للعدل والحق، لا يجوز نفاذها ولا إنفاذها، وتلك أفعال شنيعة وظلم مهلك، تقوم به الخصومات، وتثور به الأحقاد، وتقع به المظالم، وتتقطع به الأرحام.

عن النعمان بن بشير رضي الله عنه: {أن أباه أتى به رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: إني نحلت ابني هذا أرضاً كانت لي، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أفعلت هذا بولدك كلهم؟ قال: لا، قال عليه الصلاة والسلام: اتقوا الله واعدلوا في أولادكم، قال: فرجع أبي فرد تلك العطية} متفق عليه.

وفي رواية: {إن لبنيك عليك من الحق أن تعدل بينهم، فلا تشهدني على جور؛ أيسرك أن يكونوا إليك في البر سواء؟ قال: بلى، قال: فإذاً سووا بين أولادكم في العطية كما تحبون أن يسووا بينكم بالبر}.

والعدل في المعاملات الزوجية فرض وحق واجب في النفقة والكسوة والمعاملة والعشرة، كما يفعل الكرماء من ذوي العقل والدين والمروءة والكمال، تطعمها مما تطعم، وتكسوها مما تكتسي.

وفي الحديث عن أبي هريرة رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: من كانت عنده امرأتان فلم يعدل بينهما جاء يوم القيامة وشقه ساقط -وفي رواية: وشقه مائل-}.