[بعض الحقائق في العلاج الشرعي]
أيها الأحبة: إن عقيدة المسلم في كتاب الله واضحة، وفي سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم بينة، القرآن لهذه الأدواء هو الشفاء، ولكنه لأهل الإيمان خاصة: {وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ} [الإسراء:٨٢]، {قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ آمَنُوا هُدىً وَشِفَاءٌ} [فصلت:٤٤].
علاج أدوائكم في قرآنكم وفي سنة نبيكم محمدٍ صلى الله عليه وسلم، وطلب العلاج مشروع، والأخذ بالأسباب المباحة مطلوب، فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: {لكل داءٍ دواء، فإذا أصاب الدواء الداء برئ بإذن الله} وقال أيضاً: {ما أنزل الله من داء إلا أنزل له شفاءً} هذا لفظ البخاري وزاد أحمد: {عَلِمَه مَن عَلِمَه، وجَهِلَه مَن جَهِلَه}.
وهذا الدواء لا يكون ولن يكون فيما حرم الله ورسوله: {فتداووا -عباد الله- ولا تتداووا بحرام} و {ليس منا مَن تَطَيَّر أو تُطِيِّر له، أو تَكَهَّن أو تُكُهِّن له، أو سَحَر أو سُحِر له} و {من أتى كاهناً فصدقه بما يقول فقد كفر بما أنزل على محمد صلى الله عليه وسلم}.
وحصول البرء والشفاء بيد الله وإذنه، فلا يأْس من روح الله، ولا استبعاد لفرج الله: {عجباً لأمر المؤمن! إن أمره كله له خير، إن أصابته سراء شكر؛ فكان خيراً له، وإن أصابته ضراء صبر؛ فكان خيراً له، ولا يكون ذلك إلا للمؤمن}.
هذه هي العقيدة وهذا هو المنهج؛ ولكن أين العقيدة من أناس خفافيش القلوب، ضعاف النفوس، تعلقوا بالدجالين، ولحقوا بركاب المشعوذين وضلوا في متاهات الكذب والكهانة؟! فسادُ معتقد، وضياعُ مال، ودوامُ مرض.
إنكم تعلمون -والمرضى يعلمون- أنهم قلما يجدون عند هؤلاء الدجالين شفاءً ونفعاً، قد يجدون عندهم راحة نفسية لفترة قصيرة، ثم لا يلبثون أن ينتكسوا إلى حالٍ أشد، فلا شُفِي لهم مريض، ولا ارتفعت عنهم حيرة، أضاع نفسه وخسر ماله، وهل سلم له دينه يا ترى؟!
غرقوا في دجل، وشعوذات، وعُقَدٍ، وهمهمات، وعزائم، وطلاسم، وتلطخ بالنجاسات في المقابر والخَرِبات وبيوت الخلاء؛ يعقدون الخيوط، وينفثون العقد، ويوقدون المباخر، نعوذ بالله من شر النفاثات في العقد.
وكثيرٌ من هؤلاء المعالجين ذوو قلة في الديانة، وخبثٍ في النفس، وشر في العمل، وفتنة للذين في قلوبهم مرض، ناهيك عما يظهر عليهم من مخالفات في الدين بينة؛ تكاسلٌ عن الصلاة، وخلل في السلوك، وجُرأة على المحرمات، وأكلٌ لأموال الناس بالباطل، وخلوات بالأجنبيات؛ بل قد يباشر ما لا يحل له من نظرٍ ومس وجس.
إن ضررَ هؤلاء يتعاظم، وخطبَهم يشتد؛ فحق على أهل العلم والإيمان أن يشتد نكيرهم: [[إن الله لَيَزَعُ بالسلطان ما لا يَزَعُ بالقرآن]].
فعلى ولاة أمور المسلمين أن يخلِّصوا هؤلاء الضعاف العامة من أشباه الرجال والنساء والصبيان، عليهم أن يخلصوهم من براثن الأفَّاكين الأكَّالين لأموال الناس بالباطل، عبدة الدرهم والدينار، الذين ينازعون الله رب العالمين ما اختص به من الربوبية وعلم الغيب؛ ويجب أن يُنْقَض ذلك ويُنَظَّم بضوابط الشرع وما ينفع الناس.
ولقد حمد كل صاحب سنة ودين ما قام به ولاة أمور هذه البلاد -وفقهم الله- من متابعة لهؤلاء المشعوذين والدجالين وإنزال العقاب الرادع بهم بما يقضي به الشرع المطهر.
سدد الله الخطا، وبارك في الجهود، وزادهم إحساناً وتوفيقاً، وحفظ الله على أمة الإسلام دينها وحسن معتقدها، وأصلح بالها؛ إنه سميع مجيب.
أقول هذا القول، وأستغفر الله لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنب وخطيئة، فاستغفروه؛ إنه هو الغفور الرحيم.