[بعض مظاهر الطهر والنقاء في توجيهات الإسلام]
أيها الإخوة: وهذا استعراض لبعض مظاهر الطهر والنقاء والجمال والزينة في توجيهات الإسلام وسلوك المسلمين المستمسكين.
الطهور شطر الإيمان، والصلاة أهم فرائض الإسلام بعد الشهادتين، شرع لها التطهر من الحدث والتنظف من القذر والنجس، والمسلم يتوضأ في يومه عدة مرات غالباً، ويغتسل في كثيرٍ من المناسبات المشروعات، والوضوء على الوضوء نورٌ على نور، مع مستحبات من الوضوء أخرى للنوم والعبادة، وصلاة الجنازة والعيدين، والخسوف والكسوف، وسجود التلاوة وغيرها، إنها الصلوات الخمس تنظف الباطن وتنهى عن الفحشاء والمنكر، فوضوءها ينظف الظاهر: {أرأيتم لو كان باب أحدكم على نهرٍ جار يغتسل منه خمس مرات، أيبقى من درنه شيء}.
وغسل الجمعة واجب على كل محتلم: {لا يغتسل رجلٌ يوم الجمعة ويتطهر ما استطاع من طهرٍ ويدهن من دهنه ويمس من طيب بيته، ثم يخرج فلا يفرق بين اثنين، ثم يصلي ما كتب له، ثم ينصت إذا تكلم الإمام إلا غفر له ما بينه وبين الجمعة الأخرى} بهذا جاء الخبر عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم.
والتطهر المأمور به ليس مقصوراً على المجامع ومجالس الناس، ولكنه مطلوبٌ في جميع الأحوال حتى إذا قعد المرء في بيته، أو ذهب إلى فراشه، فقد جاء في الخبر مرفوعاً: {طهروا الأجساد طهركم الله، فإنه ليس عبدٌ يبيت طاهراً إلا بات معه في شعاره -أي: في لحافه- ملك لا ينقلب في ساعة من الليل إلا قال: اللهم اغفر لعبدك فإنه بات طاهراً} رواه الطبراني يسند جيد من حديث ابن عباس رضي الله عنهما، وفي خبر ثان عند أبي داود: {ما من مسلم يبيت طاهراً فيتعار من الليل -أي: يستيقظ- فيسأل الله خيراً من أمر الدنيا والآخرة إلا أعطاه الله إياه}.
وأمة محمدٍ صلى الله عليه وآله وسلم تُعرف يوم القيامة بين الأمم بغرتها وتحجيلها من آثار الوضوء.
والسواك مطهرة للفم، مرضاة للرب، وقص الشارب وحفه من التجمل، ومن كان له شعرٌ فليكرمه بالغسل والدهن والترجيل والتطييب، وقد رأى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم رجلاً شعثاً رأسه قد تفرق شعره فقال: {أما كان هذا يجد ما يسكن به شعره}.
وقص الأظافر، وغسل البراجم وهي: مفاصل الأصابع، ونتف شعر الإبط، وحلق العانة، واجتناب الروائح الكريهة؛ من الثوم والكراث والبصل، كل ذلك من التوجيهات المتأكدة رعايتها، والإنسان قد يحتمل من غيره ألواناً من الأذى ولكنه لا يصبر على الرائحة المنتنة تنبعث من فمٍ أو عرقٍ أو غيرهما، ويتأكد ذلك في المساجد التي يؤمها المسلمون للطاعة وذكر الله والصلاة، وكيف تخشع نفسٌ مهتاجة مضطربة تعرضت للأذى، وتعكر عليها صفو مناجاة الرب تعالى، وانقطعت من لذة التضرع والتذلل.
ومن المستكره فتح الفم عند التثائب لما في ذلك من قبح المنظر، وقلة الذوق، وإيذاء الجليس، وسرور الشيطان.
وفي مقابل ذلك جاء الحرص على الطيب والحث على التطيب، ونبيكم محمد صلى الله عليه وآله وسلم يحب الطيب ويكثر من التطيب.
وغطوا الإناء، وأوكئوا السقاء، واجتنبوا الجشاء، ولا تشربوا من فم السقاء، ولا تتنفسوا في الإناء، ولا تنفخوا فيه، والتنظف من بقايا الطعام وفضلاته، في الأيدي والأفواه والأسنان كل ذلك مندوبٌ إليه، وشرب نبيكم محمد صلى الله عليه وسلم لبناً، ثم تمضمض، وقال: {إن له دسماً}
والتطهر والتنظف يمتد من الأبدان إلى البيوت والطرقات، والمساجد ومجامع الناس: {أَنْ طَهِّرَا بَيْتِي لِلطَّائِفِينَ وَالْعَاكِفِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ} [البقرة:١٢٥] {فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ} [النور:٣٦] {وإماطة الأذى عن الطريق صدقة}
ومن الدقة في التعاليم رعاية سبل وقاية المجتمع في آداب قضاء الحاجة، لا يتلوث بها ماء، ولا يتنجس بها طريق أو مستظل، فقد جاء النهي عن البول في الماء الدائم، وقال عليه الصلاة والسلام: {اتقوا الملاعن الثلاثة: البراز في الموارد، وقارعة الطريق، والظل}.