من غاية الأدب واللباقة بالقول، وعبارة الحوار: ألاَّ يفترض في صاحبه الذكاء المفرط، فيكلمه بعبارات مختزلة، أو إشارات بعيدة، ومِنْ ثمَّ فلا يفهم، كما لا يظن فيه الغباء والسذاجة، أو الجهل المطبق، فيبالغ في شرح ما لا يحتاج إلى شرح، وتبسيط ما لا يحتاج إلى تبسيط، ولا شك أن الناس بين ذلك درجات في عقولهم وفهمهم، فهذا عقله متسعٌ بنفسٍ رحبة، وهذا ضيِّق العقل، وآخر يميل إلى الأحوط في جانب التضييق، وآخر يميل إلى التوسع، وهذه العقليات والمدارك تُؤثر في فهم ما يُقال، فذو العقل اللماح يستوعب ويفهم حرفية النص وفحواه ومراد المتكلم وما بين السطور، وآخر دون ذلك بمسافات، ولقد قال أبو جعفر المنصور للإمام مالك لما أراد تصنيف الموطأ: تجنب شدائد ابن عمر، ورخص ابن عباس، وشواذ ابن مسعود رضي الله عنهم أجمعين.