للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[وصف الجنة ونعيمها]

جناتُ عدن يدخلونها، غرفاتها من أصناف الجوهر كله، يرى باطنها من ظاهرها وظاهرها من باطنها، فيها من النعيم واللذائذ ما لا عين رأت، ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر، اقرءوا إن شئتم: {فَلا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} [السجدة:١٧] {فِيهَا أَنْهَارٌ مِنْ مَاءٍ غَيْرِ آسِنٍ وَأَنْهَارٌ مِنْ لَبَنٍ لَمْ يَتَغَيَّرْ طَعْمُهُ وَأَنْهَارٌ مِنْ خَمْرٍ لَذَّةٍ لِلشَّارِبِينَ وَأَنْهَارٌ مِنْ عَسَلٍ مُصَفّىً وَلَهُمْ فِيهَا مِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ وَمَغْفِرَةٌ مِنْ رَبِّهِمْ} [محمد:١٥] رياضها مجتمع المتحابين، وحدائقها نزهة المشتاقين، وخيامها اللؤلؤية، على شواطئ أنهارها بهجة للناظرين، عرش الرحمن سقفها والمسك والزعفران تربتها، واللؤلؤ والياقوت والجوهر حصباؤها، والذهب والفضة لبنتها: {غُرَفٌ مِنْ فَوْقِهَا غُرَفٌ مَبْنِيَّةٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ} [الزمر:٢٠] عاليات الدرجات، في عاليات المقامات، بهيجة المتاع، قصرٌ مشيد، وأنوارٌ تتلألأ {وَفَاكِهَةٍ كَثِيرَةٍ * لا مَقْطُوعَةٍ وَلا مَمْنُوعَةٍ * وَفُرُشٍ مَرْفُوعَةٍ} [الواقعة:٣٢ - ٣٤].

هم فيها {عَلَى الأَرَائِكِ مُتَّكِئُونَ} [يس:٥٦] ظلها ممدود، وخيرها غير محدود: {وَفَاكِهَةٍ مِمَّا يَتَخَيَّرُونَ * وَلَحْمِ طَيْرٍ مِمَّا يَشْتَهُونَ} [الواقعة:٢٠ - ٢١] قطوفها دانية للآكلين، وطعمها لذة للطاعمين، قد ذللت قطوفها تذليلاً، نعيم البدن بالجنان والأنهار والثمار، ونعيم النفس بالأزواج المطهرة، ونعيم القلب وقرة العين بالخلود والدوام، عيش ونعيم أبد الآباد، عطاء من ربك غير مجذوذ، فيها أزواج مطهرة خيراتٌ حسان الوجوه جمعن الجمال الباطن والظاهر من جميع الوجوه، في الخيام مقصورات، أولي الطرف قاصرات، تقصر أنفسهن عيون الواصفين: {عُرُباً أَتْرَاباً * لأَصْحَابِ الْيَمِينِ} [الواقعة:٣٧ - ٣٨] لا يفنى شبابها، ولا يبلى جمالها {لَمْ يَطْمِثْهُنَّ إِنْسٌ قَبْلَهُمْ وَلا جَانٌّ} [الرحمن:٥٦] لو اطلعت إحداهن على الدنيا لملأت ما بين الأرض والسماء ريحاً وعطراً وشذى، ولطمست ضوء الشمس كما تطمس الشمس ما في النجوم من ضياء.

حورٌ عين، راضيات لا يسخطن أبداً، وناعمات لا يبأسن أبداً، وخالدات لا يزلن أبداً.