للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[ماذا يفعل من له أب يتبنى الأفكار العلمانية؟]

السؤال

فضيلة الشيخ: بماذا توجهون شاباً ملتزماً قد ابتلي بأبٍ تقلب في التبني الجزئي والتأثر بعدة اتجاهات واعتقادات كان أولها الشيوعية، ثم الاشتراكية، ثم القومية، وكان ناصرياً، وفي نهاية المطاف بعثياً، هذا بالإضافة إلى انغماسه في النظر الحرام، وسب المسلمين أعني العلماء والدعاة، والجماعات الإسلامية في كل مكان، واتهام نياتهم، والفرح بذبحهم من قبل العلمانيين، ورفض قتل -أحد الناس ذكر اسمه- وهو صاحب لجج وقوة لسان، وهو ممن ينهى بناته عن الالتزام بالدين، وعن المحافظة على الحجاب، وكثيراً ما يقع له مع ابنه نقاش، فيتطور إلى إنكار الأحكام الشرعية، وتأويل النصوص، ثم الطعن في الصحابة، ثم إنكار السنة وثبوتها، ويحصل أن ينطق أحياناً بالكفر الصريح مثل: إنكار ثبوت السنة، فهل أولى لابنه الصبر عليه مع النصح والدعوة، أم يجب عليه رفع أمره للمحكمة الشرعية، وذلك لأنه على هذا المنهج منذ أربعين عاماً؟

الجواب

عليه أن يناصح وأن يستمر معه الحوار، وأن يستمر في الاجتهاد في الدعاء له، ولا شك أن هذا كلام خطير، نسأل الله السلامة، ونسأل الله له الهداية حقيقة، وعليك أن تستمر في مناصحته والجدال معه ما دام أن هناك فرصة للحوار، ونحو ذلك، فأنا أرى أن يستمر معه الحوار؛ لأن القضية -هي كما تعلم- مهمة الدعاة وهي ميراث النبوة، والنبي صلى الله عليه وسلم مهمته البلاغ، وكلف بالبلاغ عليه الصلاة والسلام: {لَيْسَ عَلَيْكَ هُدَاهُمْ} [البقرة:٢٧٢] فيجتهد، ولا ييئس أبداً، ولهذا إبراهيم عليه السلام دعا لأبيه، في الحياة وبعد الممات، في الحياة، قال: {سَأَسْتَغْفِرُ لَكَ رَبِّي إِنَّهُ كَانَ بِي حَفِيّاً} [مريم:٤٧] وكان يدعوه كثيراً، وفي منهج إبراهيم ما يرشد السائل، فهو كان رقيقاً، وقال له: يا أبت، ويا أبت، ويا أبت بمنتهى الرقة: {يَا أَبَتِ إِنِّي قَدْ جَاءَنِي مِنَ الْعِلْمِ مَا لَمْ يَأْتِكَ * يَا أَبَتِ لا تَعْبُدِ الشَّيْطَانَ * يَا أَبَتِ إِنِّي أَخَافُ أَنْ يَمَسَّكَ عَذَابٌ مِنَ الرَّحْمَنِ} [مريم:٤٣ - ٤٥] إلى آخره، ثم قال: {سَأَسْتَغْفِرُ لَكَ رَبِّي إِنَّهُ كَانَ بِي حَفِيّاً} [مريم:٤٧] فالاجتهاد في الدعاء له، لعل الله سبحانه وتعالى أن يختم له بخير، هذا هو الذي أراه.