ونبأ آخر يتحدث عن التنمية النسوية، إنه حديث كله أو جله عن ما أسماه بالمرأة العاملة، العمل شيء محمود، ومبتغى مقصود، ما دام منضبطاً بضابط الدين والخلق، والله لا يضيع عمل عامل من ذكر أو أنثى بعضهم من بعض، ولكن المرأة العاملة في عرفهم هي المتمردة على بيتها وأطفالها وشئون منزلها!!
لا يقال ذلك -أيها الإخوة- إفكاً ولا افتياتاً، إنهم يقولون: إن عمل ربة الأسرة داخل بيتها عمل ليس له أجر!
إنهم يقولون: ذاك عمل لا مردود له!
إنهم يقولون: هذه خدمة مجانية وعمل غير منتج! هذه هي نظرتهم، وهذا هو ميزانهم.
تربية النشء والحفاظ على الكرامة، والاستقرار العائلي والنفسي ليس بعمل وليس له أجر ولا مردود وغير منتج! هكذا قاس قائسهم وقدر مقدرهم، ألا {فَقُتِلَ كَيْفَ قَدَّرَ * ثُمَّ قُتِلَ كَيْفَ قَدَّرَ}[المدثر:١٩ - ٢٠].
إنهم لا يعرفون الرحم ولا التراحم، ولا يعرفون البر ولا المروءة، أي خيانة أكبر من خيانة إهمال النشء وإهمال النسل؟
إنهم يعلمون -ولكنهم قوم بهت- أن السكينة والطمأنينة لا تكون إلا في بيوت مستقرة في ظلال أسرة حانية بنسائها ورجالها، وأطفالها وصباياها، أما الهمل والضياع في الأزقة والأرصفة وزوايا الوجبات السريعة فلا تبني أمة، ولا تجلب طمأنينة، بل إن حياة الطيور في أعشاشها، والسباع في أكنتها خير وأصلح من هذا الهمل الضائع.
أي امرأة عاملة تعنون؟ ما قهر الرجل ولا أذل المرأة ولا استعبدهما جميعاً إلا مثل هذه المبادئ المهلكة، والمقاييس الفاسدة، والحضارة المنتنة