الحمد لله المتفرد بربوبيته وألوهيته وأسمائه وصفاته، القائم على كل النفوس بآجالها، العالِم بتقلبها وأحوالها، أحمده سبحانه وأشكره، نفذت في خلقه مشيئته، ومضت فيهم إرادته، فهم على أقدارهم يمشون، وبما تيسر لهم من الأعمال يعملون.
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن سيدنا ونبينا محمداً عبد الله ورسوله، أكمل به الدين وأظهره على جميع الأديان، صلى الله وسلم وبارك عليه ما تعاقب الجديدان، وعلى آله وأصحابه والتابعين ومن تبعهم بإحسان.
أما بعد:
أيها المسلمون: من قضايا الإصلاح الاجتماعي: النظر في المرافق العامة، والالتفات إلى تحمل المسئولية فيها ورعايتها، والمحافظة عليها، حتى تحقق غايتها في منافعها، وحسن الاستفادة منها، ودعوة الإسلام في ذلك واسعة دقيقة، من رعاية الطرق، وصيانة المياه، والمحافظة على الظل، ومنع الأذى بكل صوره، وكف الشرور بأنواعها، مما يؤدي إلى صلاح المجتمع وعمارة مرافقه، وحسن استعمالها، والاستفادة منها؛ مما يجسد التحضر بأرقى صوره في الفرد والجماعة.
أيها الأحبة: وهذه صورة من صور المحافظة على الماء في ديننا، ولا سيما في حفظها من التلوث، ذلك الأمر الذي لم تعرفه البشرية إلا في وقتها الحاضر، واعتبرته سمة من سمات تقدمها وتحضرها.
لقد كانت وصايا نبيكم محمد صلى الله عليه وسلم وتوجيهاته في ذلك واضحة، في حفظ الماء، والمحافظة عليه، واستعماله طهوراً نقياً، نظيفاً خالياً من التلوث وأسباب التلوث.