أمة الإسلام! لئن كان الإسلام دين رحمة وعدل وسلام، فإنه في الوقت نفسه، دين قوة وإباء وضيم، لأنه دين عملي يأخذ الحياة من واقعها، ويعامل الخلائق من طبائعها، وفي الحياة والطبائع ميل إلى المشاحنات، وتوجه نحو المنازعات , ودخول في المنافسات، من أجل ذلك وبجانب عدله ورحمته أمر بإعداد القوة التي تحمي الحق، وتبسط العدل، وتزرع الخير وتنشر السلام، بل إن القوة العادلة، أقوى ضمان لتحقيق السلام، وحذر من أن يفهم الناس أن السلام معناه القعود عن الاستعداد مادام في الدنيا أقوام لا تعرف قيمة السلام، ولا تحترم حرية غيرها في أن تعيش آمنة مطمئنة في بلادها، ومن أجل ذلك كله أُمِر المسلمون بإعداد القوة، وأخذ الأهبة، والقوة المأمور بها قوة شاملة، تحشد فيها كل مصادر القوة الاقتصادية منها والسياسية والاجتماعية والعسكرية، والأخلاقية والمعنوية، وقبل ذلك وبعده، قوة الإيمان، والاستمساك بالشرع المتين:{وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ وَآخَرِينَ مِنْ دُونِهِمْ لا تَعْلَمُونَهُمُ اللَّهُ يَعْلَمُهُمْ}[الأنفال:٦٠].
والأمة القوية والدولة القوية تحفظ مهابتها ما دامت صفة القوة ملازمة لها، وتلكم سنة إلهية من السنن التي تبنى عليها الحياة، فلا خير في حق لا نفاذ له، ولا يقوم حق ما لم تحط به قوة تحفظه وتسنده، وما فتئت أمم الأرض ودولها، تعد نفسها بالقوة بمختلف الأنواع والأساليب، حسب مقتضيات العصر، ومتطلبات الظروف في الزمان والمكان.