عباد الله: إذا كره الرجل من زوجته أمراً أو خلقا، وتعذر عليه إصلاحه ومعالجته، واشتد بينهم الشقاق والنزاع، وخشي كل واحد منهما أن يظلم صاحبه، أو يقصر في حقوقه إذا حصل ما يشوش البال، أو يكدر الحال، فحينئذ يكون النظر في جدوى الطلاق.
إن على الزوج الذي بيده العصمة -وهو الحليم الحكيم العاقل- ألا يقدم على هذا الأمر الخطير الذي يعلم أنه يترتب عليه مصيره في نفسه، ومصير أهله، ومصير أولاده إن كان بينهما أولاد.
عليه بالتروي والصبر ومشاورة الناصحين الأخيار من أهل الدين والعقل والصلاح حتى لا يتفرق الشمل، ولا يتشتت الأهل، ولا يضطرب حال الأولاد، ثم بعد هذا التفكير الطويل والاستشارات الحصيفة؛ إذا تحتم الطلاق سبيلاً لحل المشكلة، فلا بد من مراعاة الآداب الشرعية والأحكام الإسلامية.
إن المباح في ذلك -أيها الإخوة- أن يطلق طلقة واحدة في طهرٍ لم يحصل فيه وطء، هذا هو طلاق السنة، فلا يطلق ثلاثاً، ولا يطلق حائضاً، ولا يطلق في طهر حصل فيه وطء إلا أن يتبين حمل، وإذا حصل الطلاق على هذه الصفة، فإن المرأة تبقى في بيت الزوجية ولا تخرج منه، فهو لا زال بيتها، ولا يجوز للرجل أن يخرجها.
إن الجهال من الأزواج والزوجات حالما تصدر كلمة الطلاق، تفارق المرأة البيت، ولو لم تخرج، لأخرجها هذا الأحمق الغاضب، أين هذا من قوله سبحانه:{يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ وَأَحْصُوا الْعِدَّةَ وَاتَّقُوا اللَّهَ رَبَّكُمْ لا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ وَلا يَخْرُجْنَ إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ لا تَدْرِي لَعَلَّ اللَّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذَلِكَ أَمْراً}[الطلاق:١]؟!
إنها تبقى في بيتها، فالمسألة معالجة ومداواة، وليست عقوبة ولا انتقاماً ولا تشفياً:{لا تَدْرِي لَعَلَّ اللَّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذَلِكَ أَمْراً}[الطلاق:١].