احترام العدل تقليد تتوارثه الأمم، وتقيم له الضمانات، وتبني له السياجات، وقد تواطأت على حبه الشرائع الإلهية والعقول الحكيمة والفطر السوية، ولقد دلت الأدلة الشرعية وسنن الله في الأولين والآخرين أن العدل دعامة بقاء الأمم، ومستقر أساسات الدول، وباسط ظلال الأمن، وأن الله ينصر الدولة العادلة ولو كانت كافرة، ويخذل الدولة الظالمة ولو كانت مسلمة.
ولا أعدل ولا أصدق من عدل شريعة الله، فهي مبنية على جلب المصالح ودرء المفاسد، لا تعبأ بالأنانية والهوى، فهي لمصالح النوع البشري كله، وعدلها ينظم كل ميادين الحياة وشئونها، فهو في الدولة والقضاء والراعي والرعية والأولاد والأهلين، وهو عدل في حق الله وفي حقوق العباد، وهو في الأبدان والأموال والأقوال والأعمال.