أيها الإخوة: ولن تستعيد الأمة حقوقها، ولن تنتصر على أعدائها إلا حين تطلب العزة من مظانها، والعزة لا تطلب من الكافرين، فالعزة تطلب من رب العزة وحده لا شريك له، قال الله:{مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْعِزَّةَ فَلِلَّهِ الْعِزَّةُ جَمِيعاً}[فاطر:١٠].
وعلق على هذه الآية الإمام القرطبي رحمه الله، وهو ممن عاش أيام سقوط الأندلس وأفول شمس المسلمين هناك.
يقول رحمه الله: "هذا تنبيهٌ لذوي الأقدار والهمم من أين تنال العزة ومن أين تستحق؛ فمن طلب العزة من الله وحده، وصدق في طلبها في افتقارٍ لربه وذلة وسكونٍ وخضوع، وجدها عند الله -إن شاء الله- غير ممنوعة ولا محجوبة عنه، وفي الحديث:{مَن تواضع لله رفعه}.
قال رحمه الله: فأنبأك صريحاً لا إشكال فيه أن العزة لله سبحانه، يُعِزُّ بها من يشاء، ويُذِلُّ من يشاء، ومن اعتز بالله أعزه الله، ومن اعتز بغيره أذله الله.
ألا فاتقوا الله رحمكم الله، فالحق أبلج، والمحجة بيضاء، وَاللَّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ، والعزة لله وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ، وَلَكِنَّ الْمُنَافِقِينَ لا يَعْلَمُونَ.