فضيلة الشيخ: في كثيرٍ من الأحيان أجد حماساً شديداً للدعوة إلى الله بالحكمة والموعظة الحسنة، كما أمر بذلك ربي تبارك وتعالى، ووفق سنة رسوله صلى الله عليه وسلم، ولكن أثناء وبعد القيام بالدعوة أحس بالرياء مما أقلقني كثيراً، فبماذا تنصحونني جزاكم الله خيراً؟
الجواب
أنصحك بالاستمرار في الدعوة وهاجس الرياء لا تلتفت إليه، إنما هو مدخل من مداخل الشيطان، خاصة إذا كان يكتب الله على يديك خيراً كثيراً، فالرياء عليك أن تتقيه -بإذن الله- أولاً: بمعالجة الإخلاص بينك وبين الله، لأن الرياء والإخلاص أمر قلبي لا يراه الناس -بينك وبين ربك- فإذا اجتهدت في الإخلاص ولو قال لك الناس: إنك مرائي، ولو قال لك الناس كذا وكذا، فالرياء والإخلاص عمل قلبي، ومن هنا كانت الصعوبة، وكان تفاوت الناس في الدرجات والمنازل في الإخلاص؛ فإن الإخلاص عزيز جداً، حتى إن الناس قد يصلون في صف واحد، وقد يتقدم البعض والآخر يتأخر، ويمكن أن يكون المتأخر أرقى؛ لأن أكله حلال -وهذا غير منظور- ولإخلاصه وحسن توجهه، واجتهاده في الاتباع، وحضور قلبه؛ هذه كلها تؤثر في القبول.
إذاً: عليك أن تجتهد في الدعوة ما دام أن الله قد فتح لك بابها، أما هاجس الرياء فادفعه بالاستعاذة، والنظر في القضايا التي تظن أن فيها رياء.
إذا كان مثلاً في مسجد الحارة، فاذهب إلى قومٍ لا يعرفونك وإذا كنت تجد نشاطاً عند الناس، هذا -أيضاً- يمكن أن تُعالج نفسك في الداخل، فمثلاً بعض الناس قد يصلي ويكون نشيطاً أمام الناس، فإذا ذهبت إلى البيت فصلِّ نوافل، والذي تعمله أمام الناس اعمله سراً؛ لأن عمل السر أخلص كما هو معلوم، لكن لا تتوقف عن عمل العلانية؛ لأن فرائض الإسلام منها ما هو علانية لا بد أن يكون أمام الناس، وليس رياءً؛ كصلاة الجماعة، والتمسك بالسنة، وتقصير الثياب كلها أمور ظاهرة، بل الصدقة يمكن أن تكون سرية أو علانية {إِنْ تُبْدُوا الصَّدَقَاتِ فَنِعِمَّا هِيَ وَإِنْ تُخْفُوهَا وَتُؤْتُوهَا الْفُقَرَاءَ فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ}[البقرة:٢٧١] إذاً: هاجس الرياء قد يكون مدخلاً من مداخل الشيطان.