[أهمية الحوار في عصرنا الراهن]
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونستهديه، ونؤمن به ونتوكل عليه، ونثني عليه الخير كله.
أشكره ولا أكفره، وأسأله المزيد من فضله وكرمه.
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له شهادة الحق واليقين، وأشهد أن محمداً عبد الله ورسوله، بعثه بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله، جعلنا على المحجة البيضاء، ليلها كنهارها لا يزيغ عنها إلا هالك، صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله الطيبين الطاهرين، وعلى أزواجه أمهات المؤمنين، وعلى أصحابه أجمعين، والتابعين ومن تبعهم بإحسانٍ إلى يوم الدين.
أما بعد:
فبتحية الإسلام أحييكم، فسلام الله عليكم ورحمته وبركاته.
سعادة مدير التعليم بمنطقة الرياض، سعادة مدير ثانوية السفارات الأستاذ/ عبد العزيز الثنيان، الإخوة أعضاء هيئة التدريس في المدرسة، أيها الإخوة الحضور، رغبت إدارة المدرسة مشكورةً في أن أشارك في أنشطتها المتميزة حسب ما رأيت وما اطلعت، سواء في المجلة الدورية التي يصدرونها، أو معرض الكتاب الذي يقرب للمنتسب لهذه المدرسة المعرفة والثقافة، ثم ما أتحفوني به لأقوم بهذا الجزء من النشاط، وهو هذا اللقاء الطيب المبارك الذي يجمعني بكم، كما أنهم في دعوتهم مشكورين خيروني أن أختار أحد موضوعين فاخترت أحدهما وكان بعنوان" أخلاقيات الحوار"
وكما تفضل فضيلة الشيخ/ أحمد آل الشيخ في تقديمه حين ذكر أهمية الحوار، فقال: إنه مهمٌ أولاً من حيث أن ديننا جاء به، وأسلوب الدعوة قائم على الحكمة والموعظة الحسنة، كما يقول الله عز وجل آمراً نبيه محمداً صلى الله عليه وسلم: {ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ} [النحل:١٢٥].
ولا شك أن الحوار مطلوبٌ في كل زمان وفي كل مكان، ولكنه يبدو في وقتنا الحاضر أن الحاجة إليه أكثر إلحاحاً.
أولاً: لما أبرزه فضيلة الشيخ المقدم الشيخ/ أحمد، وهي نقاط جوهرية وأساسية جداً في إبراز أهمية الموضوع.
وثانياً: ما يتميز به هذا العصر من ميزات: ومنها اتصال العالم بعضه ببعض، حتى أصبح كبلدة واحدة؛ لا يكاد يقع شيء في الشرق؛ إلا وتسمعه بأسرع من الصدى في الغرب، وكذلك ما حصل في الغرب تراه في الشرق، ثم تلاقح المعارف والثقافات ووسائل الإعلام التي غزت لا أقول كل قطر، ولا كل بيت بل -ولا أبالغ إذا قلت- كل ركن من أركان البيت! ويرى فيها من يرى، ويسمع فيها من يسمع ألواناً وأشكالاً من الطروحات، وأنواع الغزو، وقنوات الثقافة والتأثير، مما يستدعي مراجعة، وأقولها بكل قوة: لابد أن نراجع أوضاعنا ومثقفينا وأحوالنا، وبخاصة أننا في هذا الصرح العلمي المتميز من بلادنا بمبناه ومعناه إن شاء الله، وهو مدرسة ثانوية، والثانوية كما تعلمون تحوي الطلاب في مقتبل الحياة وبدء النضوج الحقيقي.
وهذه الفترة كما يقول المربون وكما يقول علماء النفس: هي من أحرج المراحل، ولا أكون مبالغاً إذا قلت: إن من أولى ما ينبغي أن يهتم به في هذه المرحلة قضية الحوار، وإن لم يكن حواراً فكرياً على المستوى العالي، لكنه الحوار بين الأستاذ وبين الطالب في هذه المرحلة، وبين الطالب وبين أبيه في هذا السن، القضية دقيقة جداً، وتحتاج فعلاً إلى نوع من النظر الدقيق، وإلى نوع من التفكير في هذا الباب، هذا جانب.
والجانب الآخر -كما أسلفت قبل قليل-: الطرح الذي يطرح، فمع الأسف أن كثيراً من أسباب الإعلام ووسائله هي بأيدي غيرنا، يطرحونها ولا نكاد نرى شيئاً متميزاً، من هنا يجب أن نكون جادين وصادقين إذا كنا نريد أن نبني أنفسنا حتى نكون أصحاب مبادرات، وأصحاب طروحات، وأصحاب استقلال في فكرنا، وفي كل ما نطرح.
من أهم ما يجب أن ننظر فيه في قضية الحوار ما يلي:
كيف نتحاور؟
ما هي أسباب الحوار؟
ما هي وسائله؟
ما هي أصوله؟
ما هي أخلاقياته؟
الكلام في هذا كثير وطويل، ولا تكفيه المحاضرة ولا المحاضر، وإنما ينبغي أن نهيئ أولادنا وأنفسنا في تقبل الرأي الآخر بكل قوة، ولا يعني تقبله أن نستسلم له، إنما كيف نسمع، وكيف نستمع، وسوف نرى إن شاء الله على حسب ما يسمح به الوقت أشياء من هذا، وسوف تكون عناصر هذا اللقاء كالتالي:
تعريف الحوار.
غايته.
التمهيد في وقوع الخلاف، وهذا غالباً سأتجاوزه، لأن الوقت لا يسمح.
بيان لمجمل أصول الحوار.
أخلاقيات الحوار وآدابه.
طبعاً لا بد أن أذكر التعريف، وهو لا يخرج عما أشار إليه الأستاذ/ أحمد في الغاية من الحوار؛ لأن التعريف لا بد أن يشمل الغاية، ثم أشير إشارة سريعة إلى أصول الحوار، ثم نبسط الكلام حسب ما يسمح الوقت حول ما يتعلق بأخلاقيات الحوار.