ذلك أن من طبائع الناس أنهم لا يقبلون من يستطيل عليهم، أو يبدو منه احتقارهم أو استصغارهم، ولو كان ما يقوله حقاً وصدقاً، بل إن الاستعلاء سببٌ ظاهرٌ في كره الحق ورفضه، ومن أجل هذا فإن التواضع ثمرة المعرفة بالله وبالنفس، يقول الخليفة أبو بكر رضي الله عنه:[[لا يحتقرن أحدٌ أحداً من المسلمين، فإن صغير المسلمين عند الله كبير]] وقد خاطب الله نبيه محمداً صلى الله عليه وسلم بقوله: {وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ وَلا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ}[الكهف:٢٨].
ويقول ابن الحاج:"من أراد الرفعة فليتواضع لله تعالى، فإن العزة لا تقع إلا بقدر النزول".
أي: بقدر التواضع.
ومما يلحق بهذا الباب: العلم بأن من طبائع النفوس النفرة ممن يكثر الحديث عن نفسه، أو يستجلب الثناء عليها، أو يستدر لها المديح، فالفضل من الله، ومن تحدث إلى الناس فليتحدث إليهم بفضل الله لا بفضل نفسه.