الحمد لله الذي يقول الحق وهو يهدي السبيل، أحمده سبحانه وأشكره، وأتوب إليه وأستغفره، وأعوذ به من الزيغ والتبديل، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وهو حسبنا ونعم الوكيل، وأشهد أن سيدنا ونبينا عبد الله ورسوله أمر بالصدق والعفاف وكل خلق جميل، صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وأصحابه كل بكرة وأصيل، والتابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
أما بعد:-
أيها الإخوة! هذا هو نداء التحرير عندهم، مبادئ علمانية مادية، أغرقت الإنسانية في الضياع والرذيلة والعبثية، وأَدَّت إلى فقد الإنسان المعاصر للقيمة والهدف والغاية، لقد أصبح تائهاً ضائعاً بين مبادئ وأفكار، ونظريات وفلسفات، كلها تصب في بوتقة المادية والشهوانية بكل صورها وأبعادها وألوانها، وليعلم من لا يعلم أن الباقي هو نداء الفطرة التي فطر الله الناس عليها، إنه نداء الفطرة الذي يقول: إن الرجل يبحث عن المرأة التي تعمر البيت بوجودها وحركتها وعملها، وليست المرأة التي تملأ المعامل والمصانع والمكاتب والشوارع، وتخلف وراءها بيتاً يفترسه الفراغ والخراب.
إنه نداء الفطرة الذي يقول: إن المرأة تبحث عن الرجل الكريم الشريف الذي يقف إلى جانبها في مسار حياتها، شابة وامرأة وسيدة محترمة، هو سكنٌ لها وهي سكن له، {وَجَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا لِيَسْكُنَ إِلَيْهَا}[الأعراف:١٨٩]، إنها أم بنيه وبناته، يرعاها ويرعى أولادها ويصل رحمها، وليس هو الرجل الذي يعجب بها لحظة خاطفة، ومتعة عابرة، ثم ينبذها إلى غير رجعة، هذا هو النداء، وما عدا ذلك فزيف وتصنُّع وجهلٌ وعمى وظلم وإفك مبين.