[إخلاص النية لله جل وعلا]
أول ذلك وأولاه: إخلاص الدين لله عز وجل:-
فالله لا يقبل من الأعمال إلا خالصها، فهو سبحانه أغنى الشركاء عن الشرك.
فالعبادة محض حق الله وحده، لا شريك له، منه الخير، وبيده الخير {وَإِلَيْهِ يُرْجَعُ الْأَمْرُ كُلُّهُ فَاعْبُدْهُ وَتَوَكَّلْ عَلَيْهِ} [هود:١٢٣] لا يكشف الكرب إلا الله، ولا يفرج الْهَمَّ إلا الله، ولا يسوق الْمَدد ولا يغيث المستغيث إلا هو سبحانه وبحمده.
إخلاصٌ يحفظ به العبد عقيدته من الزيغ والابتداع، ويكف به جوارحه عن المعاصي والآثام.
إخلاصٌ يبتعد به عن الرياء والسمعة.
إخلاصٌ يقود إلى التوبة، توبةٍ صادقةٍ نصوح، يصحبها الإقلاع عن الذنب، والندم على اقترافه والتحسر على التفريط فيما سلف، توبة يتجدد فيها العزم في هذه البقاع الطاهرة على ألا يعود إلى معصية أو ذنب، متباعداً عن رفاق السوء وبواعث المنكر.
ومن علائم التوبة وصدق التوجه: تحري النفقة والكسب الحلال: {فإن الله طيبٌ لا يقبل إلا طيباً} وكيف يرجو القبول مَن يمشي بالحرام، ويغتذي بالحرام، ويكتسي بالحرام؟!
كيف يرفع يديه إلى مولاه ليقول: لبيك وسعديك، وهو لم يتزود إلا بالحرام، ولم يركب إلا من الحرام؟!
كيف يمد يديه: يا رب! يا رب! ومطعمه حرام، وملبسه حرام، وغُذي بالحرام، فأنى يستجاب لذلك؟!
وإن من الخوف والورع -أيها الحاج الكريم- أن تحاسب نفسك، فتجتنب الإسراف في التنعم والترفه والتكلف في كماليات المعاش والمراكب، ألم تتجرد من لباس أهل الدنيا؟! ألم تقتصر على إزار ورداء؟! ألا تتجرد من أعباء الدنيا وأثقالها؛ لتقف موقف صدق في محاسبة جادة، فتكبح جماح الشهوات، وتوثق اللجام من الإغراق في المشتهيات.
إن الحرص على الاستكثار من وسائل الترف يصرف عن آداب الحج وأسراره، وما يستحب من إظهار المسكنة والحاجة والتضرع إلى ربك وانكسارك بين يديه.
ومما يعينك -وفقك الله، إن كنت ممن وسع الله عليه وبسط له في رزقه- أن تتفقد من حولك من رفقتك، ولتؤثِر المحتاجين والغرباء، ولتطعم البائس الفقير، وتكون طيب النفس فيما تنفق، فأهل النفاق وقليلو الإخلاص هم الذين ينفقون وهم كارهون.
ابذل حفظك الله، وإذا وسع الله عليكم فوسعوا، ولَتُسْأَلُنَّ عن النعيم، ولقد سئل نبيكم محمد صلى الله عليه وسلم: {ما بر الحج؟ قال: إطعام الطعام، ولين الكلام}.