[ضرورة مراعاة الاستعدادات والرغبات والمواهب عند صياغة الشباب]
يُضَمُّ إلى ذلك -يا شباب الإسلام- العلم بما اقتضته سنة الله سبحانه وتعالى وحكمته، من اختلاف النفوس في استعداداتها ورغباتها ومواهبها من أجل أن ينتظم الشأن في هذه الحياة، فلربما نشأ وليدان في مهد واحد فتختلف ميولهما واختصاصاتهما في العلوم والمطالب، وإن لكم في أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم لَخَيْرَ أسوة، وفي توجيه النبي صلى الله عليه وسلم لَهُمْ حسب طبائعهم وقدراتهم لأَوْضَحَ قدوة، فقد اختلفوا في طبائعهم ومهماتهم وأعمالهم ومعارفهم؛ فـ بلال غير أبي بكر، وخالد غير أبي ذر، وابن عباس غير ابن عمر، ومصعب غير ابن عوف؛ كانوا مهاجرين وأنصاراًَ، وكان فيهم أصحاب بيعة الرضوان، وفيهم الولاة والحكام، وفيهم العسكريون والقادة، وفيهم أوعية العلم والفقه، وكلهم أبلى في الإسلام بلاءً حسناً، وكلهم كان على ثغر من ثغور الإسلام فحفظه وصانه.
من أجل هذا -أيها الإخوة- فلا فرق بين عمل وعمل، فالأعمال المباحة على كثرتها واختلافها مطلوبة متأكِّدة حسب حاجة الأمة إليها، وبناء حياتها وقوَّتها عليها، {ألا فاعملوا فكل ميسر لما خلق له}.
أمةُ الإسلام مطالبةٌ بالدعوة إلى الله، مطالبة بإعداد القوة لإرهاب أعداء الله، بحاجة إلى التكامل والتكافل.
إن على كل شاب أن يعلم من العلم ما يقوده إلى حسن العمل، فيتخذ موقعه المناسب حسب قدرته وموهبته وحاجة الأمة إليه، والعلم بشئون الدنيا وأمورها مطلوب إذا كان طريقاً لعز أمة الإسلام وقوَّتها، حيث الابتكار والاختراع والتفوق، فالعزة لله ولرسوله وللمؤمنين.
واحذروا الوقوف عند حدود الأماني، والاقتصار على الكلام والمقترحات المجردة، فذلك يفتح أبواباً مَخُوفَة من الجدل الطويل، والثرثرة القاتلة للوقت والجهد والمواهب، وما الأماني إلا رءوس أموال المفاليس.