[علاقة القضية الإعلامية بالضوابط الشرعية للمتغيرات]
وهنا نفتح المجال للدكتور سعيد بن زعير للتعليق لمدة خمس دقائق فقط:
بسم الله والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً، نزجي الشكر الجزيل لمؤسسة الملك فيصل الخيرية التي نظمت لنا هذه الندوة، وهذه المعلومات التي نحن في أمس الحاجة إليها، والشكر يُزجَى لصاحب المعالي فضيلة الدكتور/ صالح بن حميد على هذه المعلومات القيمة، ولو لم نحصل في هذه الجلسة إلا على ما أشار إليه في ضبط العنوان، فهي في الواقع حقيقة نعيشها تتعلق بالنظر في المتغيرات، وحصر معالي الشيخ النظر في ضوابط النظر في المتغيرات.
نعم.
إن الكثير ينظر في المتغيرات لكن ما ضوابط هذا النظر؟ فالشكر مكرراً مرة أخرى، والذي أريد أن أشير إليه أن الاختلاف بين المجتهدين من منضبطين بضوابط النظر وغير منضبطين هو سنة ماضية؛ ففي كل زمن يأتي من ينظر نظراً منضبطاً بضوابط الشرع، ويأتي من هو غير منضبط.
والإشكال في واقعنا ليس في وجود من ينضبط في نظره، ويقدم الأحكام الشرعية الصحيحة وفق النظر الشرعي، أو وجود من يقدم الأحكام الشرعية غير المنضبطة، فهذه ستبقى إلى قيام الساعة، لكن الإشكال فيما يسمى بالتعبير الموضوعي عن وجدان الجماهير وهو القضية الإعلامية، والذي يجعل هذا الضبط الشرعي والحكم الشرعي الذي نظر إلى المتغيرات بضبط صحيح يصبح في وجدان الجماهير، إن الذي يجعله يعيش هو العرض الموضوعي لهذه المعلومات الصحيحة وغرسها غرساً صحيحاً في نفوس الأمة حتى تحترمها، لكن عندما ننظر إلى واقع الأمة اليوم نجد خللاً كبيراً في هذا العرض، نجد تلميعاً لفئة تقدم لنا نظراً شرعياً غير منضبط وهو من انطبق عليهم التعريف الذي ذكره سماحة الشيخ في أنهم ليس لهم ضوابط في النظر في المتغيرات، فيتحدثون في المتغيرات نظراً غير منضبط، ويقدمون لنا أموراً لا تتفق مع الشريعة، ثم يأتي الإعلان ليلمع هؤلاء.
إن فئة موجودة في العالم العربي والعالم الإسلامي في شرقه وغربه، تقدم للأمة هذا الانحراف، وهم لا يمثلون نسبة عالية بين المجتهدين ولا بين المفكرين ولا بين الناظرين في المتغيرات، هذه النسبة لا تمثل غالبية وهؤلاء يلمعون إعلامياً حتى صوروا للأمة كأنهم هم مجتهدو الأمة، وهم مفكرو الأمة، وهم من يقتدى بهم، وهنا يأتي الخلل.
إن البلاء المستطيل، والشر المستطير، الذي يؤذن بهلاك الأمة -وأعتبر النظر غير المنضبط في المتغيرات بضوابط الشرع هو الباطل- إذا كان الناس يتحدثون عن مخاطر الإعلام الذي يسوغ الشهوات في سلوك الناس، فإن الحديث عن الإعلام الذي يقدم الشبهات في أحكام الشريعة أخطر، إن الذي يقدم لنا نظراً في متغيرات بغير ضوابط الشرع أخطر بكثير ممن يقدم لنا انحرافاً سلوكياً أو انحرافاً في مادة إعلامية.
إن الصحافة العربية تهدد الأمة بكوارث عندما يصاغ وجدان الجماهير من خلال هذه التصورات التي تقدم.
ولكم أن تنظروا في الصحافة المحلية والصحافة الأجنبية فهي تقدم من ذلك شيئاً كثيراً، يلمع أناس يصورون بأنهم مجتهدون، وليس من حقهم من خلال الضوابط التي سمعناها في المحاضرة أن يجتهدوا لماذا؟ لأنه ليس عندهم ضوابط في النظر وهم يخالفون أقوال المجتهدين في الأمة.
نسأل الله للقائمين على الإعلام في العالم العربي والعالم الإسلامي أن يوفقوا لتقديم هذه الاجتهادات الصحيحة لتصبح حقيقة وجدان للجماهير لتنضبط بضوابط الشرع، ولتنظر للمتغيرات بضوابط الشرع، وليفرح المؤمنون بنصر الله، ينصر من يشاء.
وصلى الله وسلم على نبينا محمد.