وفي صفة التغسيل تقول أم عطية رضي الله عنها:{دخل علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم ونحن نغسل ابنته زينب رضي الله عنها، فقال: اغسلنها ثلاثاً أو خمساً أو سبعا أو أكثر من ذلك إذا رأيتن ذلك، قالت: قلت: وتراً؟ قال: نعم! واجعلن في الآخرة كافوراً أو شيئاً من كافور، فإذا فرغتن فآذنني، قالت: فلما فرغنا آذناه، فألقى إلينا حقوة -أي: إزاره- فقال: أشعرنها إياه -أي: اجعلنه يلي جسدها- قالت أم عطية: فمشطنها ثلاثة قرون}، وفي رواية:{نقضنه ثم غسلنه وظفرن شعرها ثلاث ظفائر، قرنيها وناصيتها وألقينه خلفها، قالت: وقال لنا: ابدأن بميامينها ومواضع الوضوء منها} ويُطيب في بدنه وكفنه، والرجل يغسله الرجال، والمرأة يغسلنها النساء، والزوجان يغسل أحدهما الآخر، ومن كان دون سبع سنين يغسله الرجال والنساء.
ومن الآداب في حق الغاسل أن يستر ما يُرى ولا يحدث فيما قد يطلع عليه من مكروه، ولا يحضر الميت إلا الغاسل ومن يعينه، ثم يُكفنَّ بكفن ساتر لجميع البدن، ويكون الكفن حسناً أبيضاً نظيفاً أو جديداً من غير سرف ولا مغالاة، وإذا تيسر فيكون للرجل ثلاثة أثواب؛ فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم كُفِنَّ في ثلاثة أثواب سحولية من كرسف -أي: من قطن- ليس فيها قميص ولا عمامة، أُدرج فيها إدراجا، والمرأة تُكَّفن في خمسة أثواب إذا تيسر، إزار وخمار وقميص ولفافتين، ثم يُصلى عليها، وكُلمَّا كثر المصلون كان أفضل للميت وأنفع، ويُستحب أن تكثر الصفوف خلف الإمام ثلاثة صفوف فصاعداً، وفي الحديث:{ما من ميت يُصلي عليه أمةٌ من المسلمين يبلغون مائة كلهم يشفعون له إلا شفعوا فيه}، وفي حديث آخر:{إلا غفر له}، وفي الحديث أيضاً:{ما من رجل مسلم يموت ويقوم على جنازته أربعون رجلاً لا يُشركون بالله شيئاً إلا شفعوا فيه}.
وصفة الصلاة: أن يكبر أربعاً، يقرأ بعد الأولى سورة الفاتحة، وبعد الثانية يُصلي على النبي صلى الله عليه وسلم، وبعد الثالثة يخلص الدعاء للميت، وبعد الرابعة يُسلم تسليمة واحدة، ولو سلم تسليمتين فلا بأس.
ومن الدعاء المأثور في ذلك:{اللهم اغفر لحينا وميتنا، وشاهدنا وغائبنا، وصغيرنا وكبيرنا، وذكرنا وأنثانا، اللهم من أحييته منا فأحيه على الإسلام، ومن توفيته فتوفه على الإيمان، اللهم لا تحرمنا أجره، ولا تفتنا بعده، اللهم اغفر له وارحمه، وعافه واعف عنه، وأكرم نزله، ووسع مدخله، واغسله بالماء والثلج والبرد، ونقه من الذنوب والخطايا كما يُنقَّى الثوب الأبيض من الدنس، وأبدله داراً خيراً من داره، وأهلاً خيراً من أهله، وأدخله الجنة، وقه فتنة القبر وعذاب النار}.