أما أحكام الشرع فقد راعت أحوال المكلفين وظروفهم؛ من الصحة والمرض، والحضر والسفر، وأحوال الاضطرار، فأعظم العبادات وأجلها بعد توحيد الله هذه الصلاة المفروضة، فقد ربطت أوقاتها بطلوع الفجر وزوال الشمس وظلها وغروبها:{ما بين المشرق والمغرب قبلة} وفي الطهارة: {إذا بلغ الماء قلتين لم يحمل الخبث} وإذا شق استعمال الماء انتقل إلى التيمم، ويصلي المسلم قائماً، فإن لم يستطع فقاعداً، فإن لم يستطع فعلى جنبه:{لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلَّا وُسْعَهَا}[البقرة:٢٨٦].
ويجمع بين الصلاتين الظهر والعصر، والمغرب والعشاء عند الحاجة، والمسافر يقصر الرباعية إلى ركعتين، وذُكر للنبي صلى الله عليه وسلم امرأةٌ تكثر من النوافل، فقال عليه الصلاة والسلام:{مه!! عليكم بما تطيقون، فوالله لا يمل الله حتى تملوا} وقال صلى الله عليه وسلم: {من أم بالناس فليخفف، فإن فيهم الضعيف والمريض وذا الحاجة}.
والصيام مطلوب من الصحيح المقيم، وقد رخص فيه الإفطار من المسافر والمريض {فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَنْ كَانَ مَرِيضاً أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ}[البقرة:١٨٥] ولا زكاة ولا حج ولا جهاد إلا على القادر المستطيع: {والحج يوم تحجون، والأضحى يوم تضحون، والفطر يوم تفطرون}.
والمرأة لها أحكام تناسبها وتراعي أحوالها، والقلم مرفوع عن المجنون والصبي والنائم، ورفع عن الأمة الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه.
والسيئة بمثلها أو يغفرها الله، والحسنة بعشر أمثالها ويضاعفها الله.
والمقصود من العبادات والطاعات استقامة النفس، والمحافظة عليها من الانحراف والاعوجاج، وليس المقصود الاستقصاء ولا الإحصاء، ولكن {سددوا وقاربوا واستقيموا ولن تحصوا}{وائتوا من الأعمال ما تطيقون}.
والاستقامة تحصل بمقدار سهل ينبه النفس فتتلذذ بالعبادة، وإذا دخل العبد في المشقة والملل فقد لذة العبادة، وابتعد عن بواعث الخشوع، بل لقد شرع لنا ديننا من الطاعات ما تقبل عليه النفوس بطبعها، بل مما تنشرح به صدورها وتتباهى به، من العيدين والجمعة وأخذ الزينة والتجمل باللباس والطيب في النفوس والمساجد، والاغتسال، والتغني بالقرآن، وحسن الصوت بالأذان، قال الله:{يَا بَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ * قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ قُلْ هِيَ لِلَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا خَالِصَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ}[الأعراف:٣١ - ٣٢].