إذاً: لو تأملنا هذا التوجيهات النبوية للشباب نجد أنها ترشد هذه الطموحات وهذه التوجهات: {احفظ الله يحفظك} احفظه في قوتك؛ فإنها بمنتهاها، احفظه في سمعك، احفظه في بصرك، احفظه في سائر قواك، احفظه في توجهاتك، احفظه في أهدافك يحفظك، ولهذا أغلب الانحراف لا يكون في الشيوخ، بل يكون في الشباب، والاستقامة حينما تكون في الشباب تكون أثبت وأقوى وأصدق، ولهذا كان من السبعة الذين يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله: شاب نشأ في طاعة الله، ولهذا حين يمتدح من يمتدح من الناس يقال: لم تكن له في شبابه صبوة، أي: لم يكن له ميل.
بينما إذا تقدم الإنسان في السن يستكثر منه ما قد لا يكون غريباً في الشباب، ولهذا كان من الثلاثة الذين لا يكلمهم الله ولا ينظر إليهم ولا يزكيهم ولهم عذاب أليم: أشيمط زان.
إذاً من أهم ما يجب أن يتنبه له الشباب: احفظ الله يحفظك.
ولهذا مما أثر عن السلف في هذا الباب: أن شيخاً جاوز الستين من عمره، ورئي وهو يبدي قوة ونشاطاً، ويكاد يتحرك كحركة الشباب في وثبه وفي قفزه، فقيل له: كيف تفعل ذلك وأنت في هذا السن؟ قال: هذه قوى حفظناها في الصغر، فحفظها الله علينا في الكبر.
إذاً: الشاب مطالب أن يحفظ الله عز وجل ليحفظه، يحفظ الله في أوامره فيأتمر بها، ويحفظه في نواهيه فينتهي عنها، يحفظه في قواه، في سمعه، في بصره.
{احفظ الله تجده تجاهك} أي: تجده أمامك يحفظك ويكلؤك.
ولهذا في حديث آخر:{ولا يزال عبدي يتقرب إليَّ بالنوافل حتى أحبه، فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به، وبصره الذي يبصر به، ويده التي يبطش بها، ورجله التي يمشي بها}.