من المعلوم أن المجادلة مقصودٌ بها دفع ودرأ المخاصمة، ولكن إذا احتاج رجل الدعوة وإلى الجدال فليكن بالتي هي أحسن، ويكون حسن الجدال في الالتزام بموضوعيته، وبعده عن الانفعال، والترفع عن المسائل الصغيرة في مقابل القضايا الكبرى؛ حفظاً للوقت، وعزة النفس، وكمال المروءة، مع الحرص على الرفق واللين والبعد عن الفظاظة والتعنيف.
ويدخل في الجدال بالتي أحسن: رد تكذيب المعاندين بكلام غير صريح في إبطال قولهم من الكلام الموجه، مثل قوله تعالى:{وَإِنَّا أَوْ إِيَّاكُمْ لَعَلَى هُدىً أَوْ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ}[سبأ:٢٤]، وقوله:{وَإِنْ جَادَلُوكَ فَقُلِ اللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا تَعْمَلُونَ * اللَّهُ يَحْكُمُ بَيْنَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِيمَا كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ}[الحج:٦٨ - ٦٩].
ومن الجدال بالتي هي أحسن: الإعراض عن كثيرٍ مما يقوله المخالف أو الخصم؛ لأن الدخول فيه يدخل في قضايا صغيرة، أو يدخل في قضايا ثنائية لا تصل فيها إلى الحق الذي تريد، بل قد يكون فيها خروج عن المروءة والأدب والمقصد الأعظم من الدعوة والموعظة والجدال بالتي هي أحسن.