للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مبدأ الكراهية ليس مسوغاً للطلاق

أولاً: مبدأ الكراهية ليس مسوغاً للطلاق، يجيء إنسان ويقول: أنا لا أحبها.

لماذا؟ هكذا ما أحبها.

جاء رجل إلى عمر رضي الله عنه، فعرض عليه مشكلته مع أهله، فقال: [[أنا لا أحبها، قال: وهل لا تبنى البيوت إلا على الحب؟!]] وهذا حق.

ومع الأسف أن الحب مما أساءوا إلينا فيه في وسائل الإعلام منذ عشرات السنين، فلا تكاد وسيلة إعلام إلا وتكلمك عن الحب المشين؛ حتى فسدت الأمزجة، فتجد الشاب يقرأ قصة غرامية، أو يسمع مسلسلاً إذاعياً أو تلفزيونياً، ويأتي إلى أهله وهو لا يرى إلا الذي في التلفزيون أو لا يتخيل إلا الذي في الراديو، ومعلوم أن هذا غير صحيح أبداً، ولا يمكن أن يوجد هذا الذي يُرى أو الذي يُسمع أو الذي يقرأ في الواقع؛ لأن طبيعة الإنسان حينما يعيش مع أهله خمس سنوات، أو عشر سنوات، أو عشرين سنة، فطبيعي أن توجد المشكلات، ولا يمكن تصور هذا الغزل المفسد والكلمات الساقطة التي يعبر عنها بأنها حب، هذا ليس هو الحب، ولهذا لم يعبر الله في القرآن بالحب، بل التعبير القرآني بالمودة، والمودة موجودة ولو بلغ عمر الواحد ستين سنة، كم تلاحظون من آبائكم وآبائنا، الواحد منهم عمره ستون سنة ويحنو بعضهم على بعض، هذه هي المودة، وليس الحب المشبع بالعاطفة التي تصوره الأفلام، فالله عز وجل سماه مودة، ومع هذا أيضاً هذا ليس سبباً إذا لم يحس به الإنسان أن تكون العلاقة مفصولة.

أولاً: مبدأ الكراهية ليس مسوغاً للطلاق، فالله عز وجل يقول: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَرِثُوا النِّسَاءَ كَرْهاً وَلا تَعْضُلُوهُنَّ لِتَذْهَبُوا بِبَعْضِ مَا آتَيْتُمُوهُنَّ إِلاَّ أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ فَإِنْ كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئاً وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْراً كَثِيراً} [النساء:١٩] فلم يقل: فإن كرهتموهن فطلقوهن.

إذاً القضية ليست هي مجرد قولك: أنا لا أحبها، بل القضية أن هناك مسئوليات، من بناء أسرة، ومفاهيم إسلامية واسعة، وكما قال عمر: [[وهل لا تبنى البيوت إلا على الحب؟!]] عندك أولاد وعندك المرأة ذات خلق ودين؛ كريمة، عفيفة، حافظة لنفسك، حافظة لنفسها، حافظة لمالك، حافظة لبيتك، أحياناً قد تتزوج صبية جميلة، وتفتن بها بينما هي سبب ضياعك وضياع مالك وأولادك، فليست هذه هي القضية، بل القضية أهداف عليا وعظمى في الأسرة، والله كم من امرأة شوهاء بَنَتْ رجالاً وأعدت أجيالاً، وكم حافظت وقامت بل لعلها قومت عوج زوجها وحفظته في سنين فقره وجهله، وحفظته في سنين بأساء مرت عليه، وقد لا يكون هناك حبٌ كبير، وقد لا يكون هناك جمال، وقد لا يكون هناك أشياء.

وليس الخير والمصلحة دائماً فيما يُحب ويشتهى {وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئاً وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئاً وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ} [البقرة:٢١٦] بل قد تكون فيما لا يُحب ولا يشتهى، فالجهاد مثلاً: {كُتِبَ عَلَيْكُمْ الْقِتَالُ وَهُوَ كُرْهٌ لَكُمْ} [البقرة:٢١٦] والنبي صلى الله عليه وسلم يقول: {لا يفرك مؤمن مؤمنة} لا يفرك، يعني: لا يكره، أو ربما معناه: لا يطلق أو لا يبغض: {إن كره منها خلقاً رضي آخر} أنت حينما تكون بأعصابك وهادئاً، وجاء تفكيرك في قضية المفاصلة بينك وبين زوجتك، تنظر محاسنها، غالباً بنو البشر محاسنهم أكثر من مساوئهم، وليس هناك إنسان خالٍ من محاسن، بل لا يكاد يكون إنسان مساوئه (٥٠%) من أخلاقه، فغالباً المساوئ تُعد، لكن المحاسن لا تُعَد، أمانة ودين وخلق وكرم وصبر، لعلكم تجزمون معي أن النساء أصبر من الرجال في كثير من المواقف، تصبر وتتحمل الإهانة، والأذى والإيذاء، واللوم تتحمل كثيراً.

إذاً: كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: {إن كره منها خلقاً رضي آخر}.

إذاً هذه القضية في الطلاق.