[حث الإسلام على المحافظة على كيان الأسرة]
الحمد لله ذي الجلال والعزة، يعلم خائنة الأعين وما تُخفي الصدور، أحمده سبحانه وأشكره، وأتوب إليه وأستغفره، يتولى أهل التقى والعفة بلطفه ورحمته، ويأخذ أهل الفسق والمجون ببأسه ونقمته، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن سيدنا ونبينا محمداً عبد الله ورسوله، جاء بكريم الخصال، ومجامع الأخلاق، فحفظ الأمانة، وصان الأعراض، صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وأصحابه والتابعين، ومن تبعهم بإحسانٍ إلى يوم الدين.
أما بعد:
أيها المسلمون: كم للفضيلة من حصنٍ امتنع به أولو النخوة، فكانوا بذلك محسنين، وكم للرذيلة من صرعى أوردتهم المهالك، فكانوا هم الخاسرين.
في ظلال الفضيلة منعة وأمان، وفي مهاوي الرذيلة ذلة وهوان، والرجل هو صاحب القوامة في الأسرة، وإذا ضعف القوام فسد الأقوام، وإذا فسد الأقوام، خسروا الفضيلة، وفقدوا العفة، وتاجروا بالأعراض، وأصبحوا كالمياه في المفازات، يلغ فيها كل كلب، ويكدر ماءها كل وارد.
{جاء شاب إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله! ائذن لي في الزنا؟ فأقبل عليه الناس يزجرونه، وأدناه رسول الله صلى الله عليه وسلم من مجلسه، ثم قال له: أتحبه لأمك؟ قال: لا والله، جعلني الله فداك، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ولا الناس يحبونه لأمهاتهم، قال: أفتحبه لابنتك؟، قال: لا، قال: ولا الناس يحبونه لبناتهم، ولم يزل النبي صلى الله عليه وسلم يقول للفتى: أتحبه لأختك؟ أتحبه لعمتك؟ أتحبه لخالتك؟ كل ذلك والفتى يقول: لا والله! جعلني الله فداك، فوضع النبي صلى الله عليه وسلم يده عليه، وقال: اللهم اغفر ذنبه، وطهر قلبه، وحصِّن فرجه، فلم يكن الفتى بعد ذلك يلتفت إلى شيء} أخرجه الإمام أحمد من حديث أبي أمامة رضي الله عنه وأرضاه.
ألا فاتقوا الله -رحمكم الله- وغاروا على حرمات الله؛ يسلم لكم دينكم وعرضكم، ويبارك لكم في أهلكم وذرياتكم، ثم صلوا وسلموا على الرحمة المهداة، والنعمة المسداة، نبيكم محمد رسول الله، فقد أمركم بذلكم ربكم عز في علاه، فقال عز من قائل: {إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً} [الأحزاب:٥٦].
اللهم صلِّ وسلم وبارك على عبدك ورسولك محمد، صاحب الوجه الأنور، والجبين الأزهر، والخلق الأكمل، وعلى آله الطيبين الطاهرين، وعلى أزواجه أمهات المؤمنين، وارض اللهم عن الخلفاء الأربعة الراشدين، وعن الصحابة أجمعين، والتابعين ومن تبعهم بإحسانٍ إلى يوم الدين، وعنا معهم بعفوك وجودك وإحسانك يا أكرم الأكرمين.
اللهم أعز الإسلام والمسلمين، وأذل الشرك والمشركين، واحم حوزة الدين، وانصر عبادك المؤمنين.
اللهم آمنا في أوطاننا، وأصلح أئمتنا وولاة أمورنا، وأيد بالحق إمامنا وولي أمرنا، اللهم وأيد بالحق إمامنا وولي أمرنا، وأعزه بطاعتك، وأعز به دينك، ووفقه لما تحب وترضى، وارزقه البطانة الصالحة، واجمع به كلمة المسلمين على الحق يا رب العالمين.
اللهم وفق ولاة أمور المسلمين للعمل بكتابك وسنة نبيك محمد صلى الله عليه وسلم، واجعلهم رحمةً لرعاياهم، واجمعهم على الحق يا رب العالمين.
اللهم ارفع عنا الغلاء، والوباء، والربا، والزنا، والزلازل والمحن، وسوء الفتن ما ظهر منها وما بطن، عن بلدنا هذا وعن سائر بلاد المسلمين يا رب العالمين.
اللهم اهدنا لأحسن الأخلاق فإنه لا يهدي لأحسنها إلا أنت، واصرف عنا سيئها فإنه لا يصرف عنا سيئها إلا أنت، برحمتك يا أرحم الراحمين.
اللهم أنت الله لا إله إلا أنت، أنت الغني ونحن الفقراء، أنزل علينا الغيث ولا تجعلنا من القانطين، اللهم أنت الله لا إله إلا أنت، أنت الغني ونحن الفقراء، أنزل علينا الغيث ولا تجعلنا من القانطين.
اللهم أغثنا، اللهم سقيا رحمة لا سقيا عذاب، ولا هدم، ولا بلاء، ولا غرق.
اللهم اسقنا غيثاً مغيثاً غدقاً سحَّاً مجللاً، عاجلاً غير آجل، نافعاً غير ضار، اللهم غيثاً تسقي به العباد، وتحيي به البلاد، وتجعله بلاغاً للحاضر والباد، اللهم اسق عبادك وبهائمك والبلد الميت، وانشر رحمتك يا أرحم الراحمين.
على الله توكلنا، رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ، رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ.
عباد الله: إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَان، ِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى، وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ؛ يَعِظُكُمْ؛ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ.
فاذكروا الله يذكركم، واشكروه على نعمه يزدكم، وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ.