بعض الشباب في صدر كلامهم يقولون: إنا نحبك في الله، ويقولون: إننا نقع في المعاصي، ثم نتوب إلى الله جل وعلا، ولكننا لا نمكث أن نعود مرة أخرى إليها، فما هو الحل في الخروج منها مرة واحدة؟ وهل هناك أسباب لذلك؟
الجواب
أحبكم الله الذي أحببتموني فيه، وأسأل الله سبحانه وتعالى أن يجعلنا جميعاً وإخواننا من المتحابين فيه.
هذا سؤال جميل، وكان من جملة عناصر الكلمة قضية التوبة، وقضية الإصرار والمجاهرة والاستغفار، لكن الوقت عاجلنا، على كل حال؛ لا شك أن الإنسان إذا وقع في ذنب، لا بد أن يعود وأن يتوب، وحينما يتوب قد يقع مرة أخرى، ولهذا فُتح باب التوبة، قال الله تعالى:{وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحاً ثُمَّ اهْتَدَى}[طه:٨٢] والإنسان إذا استجمع شروط التوبة، ومنها: الإقلاع عن الذنب، والندم عليه، والعزم على ألاَّ يعود؛ يرجى له أن تكون توبته توبةً نصوحاً، لكن ومع هذا قد يعود، لكن المهم ألا يصر.
والإصرار عمل قلبي، والندم عمل قلبي، والعزم عمل قلبي، فينبغي أن ينعقد قلبه على كره المعصية، وعلى عدم الإصرار عليها، وعلى ترك المجاهرة، وعلى العزم على ألا يعود، يعقد النية والعزم بينه وبين ربه على ألا يعود.
نعم.
قد يبتلى بنفس أمارة بالسوء، أو برفقة سيئة، أو ظروف معينة، لكن حينما يقع فليرجع، فالنبي صلى الله عليه وسلم قال:{ويلٌ للمصرين} فالإصرار على الذنب مشكلة، أما أن الإنسان يقع، ثم يتوب، ولو كثر.
ولهذا قيل لـ علي بن أبي طالب رضي الله عنه:[[يرحمك الله! يتوب أحدنا ثم يستغفر.
قال: نعم، قال: ثم يستغفر.
قال: نعم، ثم يتوب، ثم يستغفر.
قال: نعم، قال: إلى متى؟ قال: إلى أن يكون الشيطان هو المدحور]].
وقال الحسن:[[ود الشيطان لو ظفر بذلك منكم]] أي: أنك تيأس، فلا تيأس من روح الله أبداً، مهما كانت ذنوبك، ومهما كانت أخطاؤك، ومهما كانت معاودتك للذنب، الله عز وجل يقول:{قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً}[الزمر:٥٣] فالذنوب كلها مغفورة لمن تاب منها، وصدق في توبته، وكان على نفسه رقيباً، وعلى نفسه بصيرة، فإن الله سبحانه وتعالى يعينه.