أيها المسلمون: وعلى الرغم من وضوح ما تقدم، فإن كل مجتمع مهما بلغ من الفضل والاستقامة لا بد له من طائفة تتمثل فيها المُثُل العليا، تحفظ للمجتمع وجوده المعنوي المتمثل في صلاح عقيدته وحسن أخلاقه وأدب تعامله، على حد قول الله عزَّ وجلَّ:{وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ}[آل عمران:١٠٤].
إنهم طائفة تمثل الخيرية في المجتمع، وتحافظ عليها وتحميها.
إن في أرواحها من التوهج، وفي نفوسها من الحيوية ما يجعل هم مجتمعها هو همها الأكبر، فيسعد بها المجتمع، إذ تحفظ عليه توازنه واستقامته، وعناصر استمراره وبقائه.
إنهم فئة من المجتمع مسموعة الصوت، واضحة التأثير، تملأ الفراغ، وتملك من التأثير ما يجعل جادة الحق واضحة، وطريق الصواب بارزة، ومسالك الخير بينة، فتستمر سُنَّة المدافعة بين الحق والباطل.
إنهم {أُولُو بَقِيَّةٍ يَنْهَوْنَ عَنِ الْفَسَادِ فِي الْأَرْضِ}[هود:١١٦] مشاعل وسرج يصلحون ما أفسد الناس، بدين الله قائمون، وعلى الحق حراس، يدعون من ضل إلى الهدى، ويبصرون من العمى، ويصبرون على الأذى، همهم -أثابهم الله وأعظم أجورهم- إقامة دين الله، وإعلاء كلمته، وإعزاز أوليائه.
إنهم صمام الأمان بإذن الله، وسبب نجاة الأمة من الهلاك.