[الاتفاق على منطلقات ثابتة وقضايا مسلمة]
الأصل الرابع: (وهذا مهم جداً، وسوف نقف عنده بعض الوقفة) الاتفاق على منطلقات ثابتة وقضايا مسلمة، أي: حينما يتحاور المتحاوران، فلا بد أن يكون هناك مسلمات فهي لا تدخل في النقاش، أو تكون هناك أمور غير مسلمة فلا يجوز أن تدخل في المسلمات، فإذا كنت مثلاً تتحاور مع نصراني، النصراني لا يسلم بالقرآن، ولا يسلم بنبوة محمد صلى الله عليه وسلم فلا تجعل القرآن من المسلمات في الحوار معه، وإذا كنت تتحاور مع مسلم في قضايا شرعية، أو قضايا أثيرت، فلا يمكن أن تكون المسلمات محل نقاش، لماذا؟
لأننا إذا دخلنا إلى المسلمات، خرجنا إلى شيء آخر، وسوف يتشعب النقاش.
مثلاً: في الإسلام مسلمات، منها ربوبية الله سبحانه وتعالى، واستحقاقه للعبادة سبحانه وتعالى، وكماله في أسمائه وصفاته، وتنزيهه سبحانه وتعالى عما لا يليق به، وكذلك ما يتعلق بنبوة محمد صلى الله عليه وسلم، وما يتعلق بالقرآن.
وكذلك قضية الحجاب، حجاب المرأة المسلمة فهو مسلم، ولا يجوز أن يكون محل خلاف، وتعدد الزوجات ليس فيه خلاف، والربا ليس فيه خلاف.
الحجاب قضية مسلمة، لأن كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم دلت على الحجاب، وهناك قضايا داخل الحجاب قد تكون محل خلاف، ويمكن أن تكون محل حوار، مثل كشف الوجه، لا شك أن العلماء مختلفون فيها، وإن كنا نرى وجوب تغطية الوجه، لكن هذه القضية مما تقبل الحوار، لكن أصل الحجاب لا يقبل الحوار.
وكثير من الصحافات العربية وبعض الناس الذين هم قليلو الدين، وبعض التوجهات التي قد تكون علمانية تطرح قضية الحجاب وكأنها قضية مختلف فيها.
وقضية الحجاب محسومة في الإسلام، وليست محل نظر، ولا يجوز أن تكون محل نظر بين المسلمين، أما حينما نناقش نصرانياً، أو وثنياً، فيمكن أن نناقشه؛ لأنه غير مسلم بها، لكن بين المسلمين الحجاب مسلَّم به.
وكذلك تعدد الزوجات، فهي قضية مسلم بها، ليست محل نقاش البتة؛ لأن كتاب الله عز وجل حسمها: {فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلاثَ وَرُبَاعَ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً} [النساء:٣] على معنى أن مشروعية التعدد ليست محل جدال، ولهذا من الخطأ مناقشتها، وأنا أعتبره خطأً لعدم الفهم، لا أتهم من يفعلونه اتهاماً سيئاً، إنما أظنه جهلاً، يأتي الإنسان يطرح في الجريدة أو في الصحيفة أو في التلفزيون أو في وسيلة إعلام، ويقول: ما رأيك في تعدد الزوجات؟ فهذا لا يجوز، وليس محل حوار أبداً البتة؛ لأن التحدث فيه محسوم.
قد نتحاور في مسألة ما هي وسائل العدل بين الزوجات؟ أما هل التعدد جائز أو غير جائز، فلا يجوز أن يكون محل نقاش.
الحكم بما أنزل الله لا نحاور فيه هل التشريع الإسلامي صالح للتطبيق أو غير صالح؟ أو الحدود هل هي صالحة للتطبيق في زماننا أو غير صالحة؟ فهذا ليس محل نقاش، ولا يجوز البتة أبداً، بل يكفر الذي يقول ذلك، لكننا نحسن الظن ببعض قليلي العلم الديني حينما يطرحون هذه القضايا، لأنه مجرد سبق صحفي أو منشور صحفي يريد أن يثير ويروج للصحيفة التي يعمل فيها؛ لأن هذه مسلمات.
مقصودي: أن هناك مسلمات قد تكون عقلية، وهناك مسلمات دينية، فالمسلمات الدينية تكون بين أصحاب الدين، والمسلمات العقلية أيضاً مسلمة بين الناس كلهم؛ مثلاً: حسن الصدق، وكون الصدق حسناً، هذا مسلَّم، لا يوجد أحد يقول: إن الصدق سيئ، وكون الكذب قبيحاً، وشكر المحسن أيضاً؛ فهذه مسلمات ليست محل جدل، وكذلك معاقبة المسيء أيضاً، فهي ليست محل جدل، فهذه من المسلمات المتفق عليها، فمقصودي: أن من أصول الحوار أن تنطلق من مسلمات ثابتة، فلا تجعل المسلمات محل نقاش إلا إذا كانت عندك غير مسلَّمة.