إن دين الإسلام مبني على الابتعاد عن مشابهة الكفار، ومن أعظم مقاصد الدين وأصوله تميز الحق وأهله عن الباطل وأهله، وبيان سبيل الهدى والسنة والدعوة إليه، وكشف سبيل الضلالة والتحذير منه، وقد أوضح ذلك نبينا محمد -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- وفصَّله، وأمر أمته بمخالفة الكفار في جميع أحوالهم في العقائد والعبادات، والعادات والمعاملات، والآداب والسلوك.
عن عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم: {بعثت بين يدي الساعة بالسيف، حتى يعبد الله وحده لا شريك له، وجعل رزقي تحت ظل رمحي، وجعل الذل والصغار على من خالف أمري، ومن تشبه بقوم فهو منهم} رواه أحمد في مسنده، ,وأبو داود في سننه، وحسنه الحافظ ابن حجر، وصححه الحافظ العراقي.
يقول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: هذا الحديث أقل أحواله أن يقتضي تحريم التشبه بهم، وإن كان ظاهره يقتضي كفر المتشبه بهم، وفي الحديث الآخر:{ليس منا من تشبه بغيرنا} رواه الترمذي.
وقد تكاثر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قوله:{خالفوا المشركين}{خالفوا المجوس}{خالفوا اليهود}{خالفوا أهل الكتاب}{ومن تشبه بقوم حُشر معهم}.
وقد أورد أهل العلم على هذا أكثر من مائة دليل، قالوا:"حتى في الصلاة التي يحبها الله ورسوله شُرع لنا تجنب مشابهتهم حتى في مجرد الصورة، كالصلاة عند طلوع الشمس وغروبها، فريضةً كان ذلك أو تطوعاً".
ويقرر جمعٌ من أهل العلم أن التشبه وجه من وجوه المودة والموالاة، مما يدخل في قوله سبحانه:{لا تَجِدُ قَوْماً يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ}[المجادلة:٢٢].