الله أكبر! الأفئدة تهوي إلى هذا البيت وتأوي في رقرقة ورفرفة، تهوي إلى أهله في هذا الوادي الجديب.
من الناس من بلَّغهم الله بيته، فذاقوا وارتشفوا، وعرفوا واغترفوا، فمهما ترددوا عليه لا يبغون عنه حِولاً، ولا يقضون منه وطراً، إذا ذكروا بيت الله حنُّوا، وإذا تذكروا بُعدهم عنه أنُّوا، ثم لا يزالون يجأرون إلى مولاهم بقلوب مشفقة ودموع مغرورقة، ونفوس متحرقة، أن يعيدهم إليه مرة بعد مرة، وكرة بعد كرة.
ومنهم من فاته القُرب والدُّنو، فهو يؤمُّه بقلبه في كل حين وآن، ويولِّي إليه وجهه حيث ما كان، لم يُكتب له الوصول إلى البيت، لكن قلبه موصولٌ برب البيت، أعاقته المعاذير، ولم تسعفه المقادير، كلما أذن مؤذن الحج تولوا وأعينهم تفيض من الدمع، فنَصَبوا موائد اللهف، وأراقوا دموع الأسف، حنين أفئدتهم لا ينقطع، ومُنى نفوسهم لا ينقضي.