[منزلة المرأة في الدين والمجتمع]
الحمد لله في كل حال، وعلى كل حال، حمداً طيباً مباركاً يستدعي مزيد الإحسان والإفضال، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن سيدنا ونبينا محمداً عبد الله ورسوله، كريم السجايا، وشريف الخصال، صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وصحبه خير صحب وآل، والتابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم المآل.
أما بعد:
أيها الإخوة! إن الدروس من هذا البيت النبوي تجل عن الحصر إنها الدروس لربات البيوت، فما كانت النساء في الصدر الأول بجاهلات بحقيقة الإسلام، ولا جاهلات بجهاده وجلاده في الجزيرة وخارج الجزيرة، ولكن توزيع المسئوليات أعطى كلا الجنسين نصيبه من العنا والمسئولية دون تعسف.
المرأة قبل كل شيء وبعده ربة بيت، وزوجة بطل، وأم شهيد إنها زوجة حانية أو أم مربية، أو في طريقها إلى هذا المصير النبيل.
إن الموسومات برائدات النهضة الإنسانية أقصر باعاًَ، وأنزل ركبة أن يفهمن هذه المثل، ولو قلت لإحداهن: تستطيعين صناعة المستقبل بإذن الله كما تبغين، عندما تحسنين التبعل للرجل، وتنشئة الذرية، ورعاية الأسرة؛ يتورم أنفها ضيقاً وغيظاً، وإن تصور المرأة في البيت إنساناً قعيداً لا دور له جهل شنيع، وفهم متخلف لمعنى الأسرة والتربية والمسئولية، هذا درس من الدروس أيها الإخوة.
وثمة درسٌ آخر: ففي هذا الزواج المبارك ما يلجم أفواه المستشرقين والمستغربين من الذين يأكل الحقد أفئدتهم على الإسلام ونبي الإسلام وأهل الإسلام؛ حين يريدون أن يتخذوا من تعدد زوجات رسول الله صلى الله عليه وسلم سبيلاً للنيل من الإسلام ومن نبي الإسلام، وما علموا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لبث مع خديجة رضي الله عنها وهي المرأة الأيم التي تزوجت رجلين قبله وتكبره بخمس عشرة سنة، لبث معها خمس عشرة سنة لم يتزوج غيرها قضى معها زهرة عمره، وقوة شبابه، ألا ساء ما يزرون وما يكتمون!
ألا فاتقوا الله -رحمكم الله- واعتبروا بنبيكم محمد صلى الله عليه وآله وسلم في بيته وسوقه، وحضره وسفره، وفي شأنه كله، واقتدوا به وتأسوا، وصلوا وسلموا كما أمركم بذلك ربكم، فقال عز من قائل: {إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً} [الأحزاب:٥٦]
اللهم صلِّ وسلم وبارك على عبدك ورسولك محمد، صاحب الوجه الأنور، والجبين الأزهر، وعلى آله الطيبين الطاهرين، وعلى أزواجه أمهات المؤمنين، وارضَ اللهم عن الخلفاء الأربعة الراشدين: أبي بكر، وعمر، وعثمان، وعلي، وعن الصحابة أجمعين، والتابعين ومن تبعهم بإحسانٍ إلى يوم الدين، وعنا معهم بعفوك وجودك وإحسانك وكرمك يا أكرم الأكرمين!
اللهم أعز الإسلام والمسلمين، وأذل الشرك والمشركين، وانصر عبادك المؤمنين، واخذل الطغاة والملاحدة وسائر أعداء الدين.
اللهم آمنا في أوطاننا، وأصلح أئمتنا وولاة أمورنا، واجعل ولايتنا فيمن خافك واتقاك واتبع رضاك يا رب العالمين!
اللهم أيد بالحق إمامنا وولي أمرنا، ووفقه لما تحب وترضى، وخذ بناصيته للبر والتقوى، وأيده بتأييدك، وأعزه بنصرك، وألبسه لباس الصحة والعافية، وارزقه البطانة الصالحة، واجمع به كلمة المسلمين على الحق يا رب العالمين!
اللهم وفق ولاة أمور المسلمين للعمل بكتابك وبسنة نبيك محمد صلى الله عليه وسلم، واجعلهم رحمة لرعاياهم، واجمعهم على الحق يا رب العالمين!
اللهم وأبرم لأمة الإسلام أمر رشد، يعز فيه أهل طاعتك، ويذل فيه أهل معصيتك، ويؤمر فيه بالمعروف، وينهى فيه عن المنكر، إنك على كل شيء قدير {رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالإِيمَانِ وَلا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلاًّ لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ} [الحشر:١٠] {رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ} [البقرة:٢٠١].
عباد الله: إن الله يأمر بالعدل والإحسان، وإيتاء ذي القربى، وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي، يعظكم لعلكم تذكرون، فاذكروا الله يذكركم، واشكروه على نعمه يزدكم، ولذكر الله أكبر، والله يعلم ما تصنعون.