[آثار الربا على الأفراد والأمم]
الربا استعباد للأمم والأفراد، واستغلالٌ للجهود والعرق، تحت ضغط الحاجة، والعوز في ساعات الضيق والأزمات.
الربا معاملة شرسة لا تعرف الرحمة ولا الإنسانية.
الربا يقوم على نهب أموال الكادحين، وابتزاز خيرات الدول، وسرقة جهد المجتهدين بأبخس الأثمان وأقل التكاليف.
المرابون لا تزيد ثرواتهم إلا إذا كثرت مصائب الناس، وعظمت حاجاتهم، في الأزمات والحروب ترتفع نسب فوائد الربا وعوائد التأمين، إنها أحكامٌ وتشريعات حسب الأهواء والأطماع لا بحسب المصالح الحقيقية للناس والشعوب.
إن فشو الربا يعني خلق الأزمات الاقتصادية، وحلول الكوارث المالية والجوائح المعيشية.
الربا ظلام على الإنسانية في إيمانها وأخلاقها واقتصادها ومعيشتها وصميم حياتها، يمحق سعادة البشرية، ويعطل نموها المتوازن.
بالربا تصبح المجتمعات مرتعاً للكراهية والحقد والبغضاء والشحناء، وميداناً للتنافس غير الشريف الذي تغتال فيه القيم، وتتضاءل معه محاسن الأخلاق.
فشو الربا نذيرٌ بضياع الثروات ومحق البركات، ما التضخم والبطالة والكساد إلا آثارٌ من آثار الربا، الأموال كثيرة، والسيولة متوفرة؛ ولكنها في خزائن المرابين من الأفراد والمصارف والدول.
المصانع تستغني عن عمالها، والشركات تسرح أعداداً هائلاً من موظفيها، والمرابون يقبضون أيديهم، الناس بحاجةٍ إلى السلع والخدمات ولكنهم لا يجدون المال، فتحدث حينئذٍ الهزات الاقتصادية، وتتنزل الكوارث المالية، وتنهار الأسعار، وتضطرب الدورات التجارية، وتفقد العملات قيمتها.
إن الشح في الموارد، والاختناقات في الخدمات، ما هي إلا آثارٌ من آثار الربا الكالح.
فشو الربا يضعف الإنتاج، فالمرابي يكنز ماله ويدخره للحصول على عائدٍ مضمون، ولا يعرضه للمخاطرة، ومن المعلوم لدى المرابي أنه كلما نقص سعر الفائدة زاد الإنتاج، وحينئذٍ تزداد فرص العمل وميادين التشغيل في المعاملات الربوية، الدائن المرابي رابحٌ دائماً، والمديون المكافح هو وحده المعرض للربح والخسارة، ومن المعلوم جزماً أن المال سيئول كله للذي يربح دائماً وهذا ما عليه حال كثير من المصارف الربوية والدول الربوية.
فمعظم المال على وجه الأرض عند فئات محدودة من المصارف وبيوت التجارة، ومن عداهم من الملاك وأصحاب الأعمال والاستثمارات ليسوا سوى أُجراء أو شبه أُجراء يعملون لحساب هذه الفئة المحدودة من أكلة الربا الذين يجنون ثمرات كد الآخرين، وعرق جبين الكادحين.
معاملات ربوية محرمة قاتلة مهلكة تفرزها المصارف الربوية والتعاملات المحرمة، بعيدة عن أخلاقيات التعامل، وضوابط التعايش، وتبادل المصالح.
معاملاتٌ محكومة بمرض التنافس على تكديس الأموال والتهامها، وامتصاص ثروات الشعوب وانتهابها واستلاب جيوب الناس وابتزازها، تحت دعوى النظام العالمي والتجارة العالمية، وما حقيقتها وما مآلاتها إلا حصر للأموال في البطون الواسعة؛ لرهطٍ من المرابين، وتضييق سبل البيع الحلال، وإضعاف طرق الاكتساب المستطاب.
إن ارتفاع الفوائد الربوية يعني ارتفاعاً مبالغاً في الأسعار دون أن يقابل هذا الارتفاع في الأسعار إنتاجٌ أو جهدٌ إنتاجي، وهذا يزيد من مديونات العالم دون زيادة مماثلة في الإنتاج.
إن هذه الفوائد يصعب سدادها، وهي تزداد يوماً بعد يوم من مئات الملايين إلى ملياراتها، وهذا هو التضخم القاتل.
إن عملات العالم تنتحر وتتدهور وتنهار، إنها بالونات لا تزال تمتلئ بالهواء الفاسد حتى تنفجر، ولسوف يعقب ذلك كسادٌ ما بعده كساد.
إن الفوائد الربوية تهدر قيمة النقود، وتهبط بقيم العملات، وتنسف النظام النقدي.