إن الحسد يمنع قبول الحق ويحمل على المضي في الباطل طبيعة الحسد طبيعة لئيمة تأبى إلا أن تجهر بالسوء وتأمر بالفحشاء، وتنكر المعروف، وتقبح الحسن، وتذم الممدوح، وتقطع ما أمر الله به أن يوصل يبيع على بيع أخيه، ويزيد بالسلعة وهو لا يريد شراءها، ويخطب على خطبته، ويضايقه في عمله، وينقصه في علمه، ويتهمه في كسبه، ويكذبه في مقالته.
الحسد يحمل على كتمان الحق، وإنكار الفضل لأهل الفضل إذا علم خيراً أخفاه، وإن اطلع على عيب أفشاه، وإن لم يعلم حاول الكذب ولربما تعمد الكذب قاتله الله من داء فكم من صلة قطعها! وكم من رابطة مزقها! وكم من دم سفكه! فبالحسد قتل قابيل هابيل، وبالحسد عقَّ إخوة يوسف أباهم وأضاعوا أخاهم:{إِذْ قَالُوا لَيُوسُفُ وَأَخُوهُ أَحَبُّ إِلَى أَبِينَا مِنَّا}[يوسف:٨].
الحسود امرؤ واهن العزم، كليل اليد، جاهل بربه، غافل عن سننه، لما فاته الخير تحول يكيد للموفقين، ليس بمدرك حظاً، ولا بغالب عدواً يعيش في طول أسف، وملازمة كآبة، وشدة تحرق، لا يجد لنعم الله عليه طعماً، ساخطاً على من لا يترضاه، منغص المعيشة، محروم الطلبة، لا هو بما قسم له يقنع، ولا هو على ما لم يقسم له يقدر إذا رأى نعمة بهت، وإذا رأى عثرة شمت.