[دوافع الهجرة]
الحمد لله وحده، نصر عبده، وأعز جنده، وهزم الأحزاب وحده، أحمده سبحانه وأشكره، وأتوب إليه وأستغفره، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن سيدنا ونبينا محمداً عبده ورسوله؛ بعثه بالهدى ودين الحق، صبر وصابر، وجاهد وهاجر حتى ارتفعت أعلام الدين، وحق القول على الكافرين، صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله الأطهار، وأصحابه الأخيار، من المهاجرين والأنصار، والتابعين لهم بإحسان ما تعاقب الليل والنهار.
أما بعد:
أيها الناس إذا كانت الهجرة في معناها العام هي مجرد الانتقال من بلدٍ إلى بلد، فكثيرون هم المهاجرون، والمنتقلون في بلاد الله الواسعة لغايةٍ وأهداف متنوعة، طلباً للرزق أو الزيادة فيه، أو مزيداً من الراحة والمتعة، وعربي الجاهلية الأولى كثيراً ما ينتقل من أجل الكلأ والعشب، ومساقط المياه، ومفاتن الجاهلية، يبكي على الأطلال، ويخوض معارك دامية مدافعاً عن عنصريةٍ منتنة، أو عادات قبلية بالية.
تلك هي دوافع الهجرة عند كثيرٍ من الأمم والشعوب.
ولكن الهجرة في أوسع مدلولاتها عند المسلم تعني انتقال الجسم والروح والمشاعر والنزعات؛ مما يكرهه الله ويمقته من معاصيه وأسباب غضبه؛ إلى ما يحبه ويرضاه من الطاعات والقرب، ووسائل الزلفى لديه، يعرض المسلم سلوكه وتصرفاته على سنة صاحب الهجرة محمد صلى الله عليه وسلم، إنها هجرٌ لكل ما حرَّم الله في الأنفس والأهل والبيوت، يعود إلى بيوت المسلمين صدقها واستقامتها ونبلها وغيرتها تعاون على الخير، وحفظ لحقوق الأسرة والجيران.
فالبيت المسلم! هو اللبنة في الوطن المسلم، حيث تشع الآداب والمحبة من هذه البيوت إلى السوق والمجتمع، ودواوين العمل.
فاتقوا الله -يرحمكم الله- واهجروا الذنوب والخطايا، وابتعدوا عن السفاسف والثنايا، من أجل تطهير النفوس وتزكية القلوب.
هذا وصلوا وسلموا على نبيكم نبي الرحمة والملحمة، فقد أمركم بذلك ربكم، فقال عز من قائل: {إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً} [الأحزاب:٥٦].
اللهم صلِّ وسلم وبارك على عبدك ورسولك محمد، وعلى آله وأزواجه وذريته، وارض اللهم عن الصحابة أجمعين، وتابعيهم بإحسان إلى يوم الدين، وعنَّا معهم بفضلك وكرمك يا أكرم الأكرمين.
اللهم أعز الإسلام والمسلمين، وأذل الشرك والمشركين، وأحم حوزة الدين، واخذل أعداء الملة، واجعل اللهم هذا البلد أمناً مطمئناً وسائر بلاد المسلمين.
اللهم آمنا في أوطاننا، وأصلح أئمتنا وولاة أمورنا، وأيد بالحق إمام المسلمين، ووفقه لما تحبه وترضاه، اللهم أيده بتأييدك، وانصره بنصرك، واجمع به كلمة المسلمين.
اللهم وفق ولاة أمور المسلمين للعمل بكتابك، وسنة نبيك محمد صلى الله عليه وسلم، واجمع كلمتهم على الحق يا رب العالمين.
اللهم وأبرم لهذه الأمة أمر رشد، يعز فيه أهل طاعتك، ويذل فيه أهل معصيتك، ويؤمر فيه بالمعروف، وينهى فيه عن المنكر إنك على كل شيء قدير.
اللهم انصر المجاهدين الذين يجاهدون في سبيلك؛ لإعزاز دينك وإعلاء كلمتك، اللهم وانصرهم في فلسطين وأفغانستان وفي كل مكان، اللهم قوِّ عزائمهم، واجمع كلمتهم، وسدد سهامهم وآراءهم، واجعل الدائرة على أعدائهم يا قوي يا عزيز.
رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ.
عباد الله: إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْأِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ وَأَوْفُوا بِعَهْدِ اللَّهِ إِذَا عَاهَدْتُمْ وَلا تَنْقُضُوا الْأَيْمَانَ بَعْدَ تَوْكِيدِهَا وَقَدْ جَعَلْتُمُ اللَّهَ عَلَيْكُمْ كَفِيلاً إِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ، فاذكروا لله يذكركم، واشكروه على نعمه يزدكم، وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ.