والعلوم -أيها الإخوة- ما وضعت إلا لتهدي إلى العمل النافع، فلا شرف لها في نفسها، وإنما شرفها بما يترتب عليها من عمل صالح وأثر حسن، فالفقيه من يجد في علمه ما يعرف به أحكام الوقائع والنوازل، وكيف تكون المفاخرة بفتيان درسوا من العلوم التجريبية ما درسوا، ثم لم ينفعوا بلادهم في معامل ولا مصانع تكون بها أمتهم رائدة إلى الصلاح، وقائدة إلى مناهج الحق والصواب في كل ميدان وفي كل مجال؟!
ومن هنا كان لزاماً -أيها المسلمون- اقتران العلم بالعمل، فمَن عَلِم خيراً فليبادر إلى فعله، ومن عَلِمَ شراً فليحذر الاقتراب منه، وما يحيي القلوب بالمعرفة اليقظة والعلم النافع إلا المبادرة إلى العمل، فبه تستنير القلوب، ويصح المسير في دروب الحياة.
يقول بعض السلف:[[كنا نستعين على حفظ أحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم بالعمل بها]].
ويقول بعض الحكماء: إذا أردت الاستفادة من النصائح المكتوبة والمسموعة فجربها واعمل بها، فإنك إن لم تفعل كان نصيبك نسيانها.
إن المعلومات النظرية التي لم ينقلها العمل من دائرة الذهن والأفكار المجردة إلى واقع الحياة لا فائدة فيها، فالجندي لا تنفعه معلوماته إذا لم يمارسها في الميدان، وماذا ينفع الطبيب علمه وكراريسه وآلاته إذا لم يمارسها طباً وعلاجاً؟!