إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره ونستهديه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلن تجد له ولياً مرشداً، أحمده سبحانه وأشكره، شرع الشرائع لتهدي إلى الخير والرشاد والفضيلة، وسَدَّ الذرائع لتحول عن الشر والفساد والرذيلة، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وعد بالثواب كما توعد بالعقاب، فقال:{وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ وَاللَّهُ رَؤُوفٌ بِالْعِبَادِ}[آل عمران:٣٠].
وأشهد أن نبينا محمداً عبده ورسوله، جاء بالحق من عند ربه، فأنار القلوب وهداها، وطهر النفوس من فجورها وزكاها، صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وأصحابه والتابعين ومن تبعهم بإحسانٍ إلى يوم الدين.
أما بعد:
أوصيكم -أيها الناس- ونفسي بتقوى الله عز وجل وخشيته، وطاعته وطاعة رسوله صلى الله عليه وسلم، فإن الله تعالى يقول:{وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَخْشَ اللَّهَ وَيَتَّقْهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَائِزُونَ}[النور:٥٢].
أيها المسلمون: لا ترجع هزائم الأمم، ولا انتكاسات الشعوب إلى الضعف في قواها المادية، ولا إلى النقص في معداتها الحربية، ومن يظن هذا الظن، ففكره قاصر، ونظره سقيم.
إن الأمم لا تعلوا إلا بعد إذن الله، إلا بضمانات الأخلاق الصلبة في سير الرجال، بل إن رسالات الله ما جاءت إلا بالأخلاق وإتمام الأخلاق بعد توحيد الله عز وجل وعبادته، فقد ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:{إنما بُعثت لأُتمم صالح الأخلاق}.