أيها الإخوة! وفي عودةٍ إلى أصول الموضوع وجذوره وبواعثه ومثيراته؛ لا بد من التذكير بالتاريخ الذي تنبعث منه دعوة هؤلاء.
إن تاريخ الحركة النسوية، أو الحركة الأنثوية -كما يُعبرون- مذهب جيء به لكي يفرض ويسود العالم كله، ويحل محل العقائد والأديان والمذاهب، سماوية أو غير سماوية، إن هذا المذهب النسوي جارٍ على النهج الذي اختطه الغرب العلماني لنفسه حينما تخلَّى عن الدين، وابتدع عقائد ومذاهب من الوجودية، والعقلانية، والشيوعية، والاشتراكية، والتنويرية، والنفعية ونحوها، وكلها مذاهب تنطلق من رفض الوحي، وإنكار الله جل في عُلاه، وتجعل الإنسان إله نفسه ومُشرِّع حياته، وأغلب هذه الحركات قد تساقطت واندثرت، وأصبحت حديثاً في الغابرين.
إن الحركة النسوية حركة قامت على أنقاض تلك الحركات، مستخدمة في ذلك مبادئها، قامت على ما يسمونه تحطيم المنطلق، ويريدون به هز الأسس الفكرية، والمبادئ الأساسية، التي يقوم عليها المجتمع، ونسفها من أجل إقامة ما يُريدون من أفكار هدَّامة، قامت على الشعور بالذاتية المنعزلة المتمردة، والتي تتخذ من معاداة الرجل حرباً مستعرةً، وتعاملُه كجنس شيطاني شرِّير، قامت على أن بناء المجتمع على الفرد وليس على الأسرة والعائلة؛ ولهذا فإن الحديث والخطب والسياسات التي ترسم للمجتمعات عندهم والأمم هناك تُبنى على الفرد، ولم يعد للعائلة ولا للأسرة شأنٌ يُذكر في خضم دراستهم، فالفرد بفرديته هو المقصود، رجلاً كان أو امرأة، وهكذا تبدَّلت المفاهيم والقيم، وشاعت هذه الحرية التي يزعمونها وينادون بها ويتبنونها، فصارت المرأة لا تعني زوجة ولا أماً لا أختاً ولا بنتاً، ولم يعد الرجل أخاً أو أباً أو ابناً، ليس هناك انتشار وثيق لهذا الكيان العائلي، بل أصبح وأصبحت زملاء دراسة، وأصدقاء عمل، وخلائل وأخدان، ولم يعد ينظر في الحساب إلى الزواج، وإقامة البيوت، فغرائزهم ملباة دون مسئوليات تُلقى على العواتق والكواهل، وكلٌ حر في التناقل بين أحضان من يشاء.