وفيما يتعلق بالزكاة وارتباطها بالتوحيد، هناك شيءٌ عجيب من جانب ارتباط المال بالتوحيد وبالدين، ولو لاحظتم الآيات المكية التي قالوا: إنها في العقائد؛ كم ذكر فيها المال؟
يقول الله تعالى:{أَرَأَيْتَ الَّذِي يُكَذِّبُ بِالدِّينِ}[الماعون:١] من هو؟ {فَذَلِكَ الَّذِي يَدُعُّ الْيَتِيمَ * وَلا يَحُضُّ عَلَى طَعَامِ الْمِسْكِينِ}[الماعون:٢ - ٣] أي: من مظاهر التكذيب بالدين والتكذيب والتكذيب باليوم الآخر البخل بالمال.
إذاً: القضية ارتباط عقدي قبل أن تكون ارتباط أحكام، وبعدها يقول الله تعالى:{فَوَيْلٌ لِلْمُصلِّينَ * الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلاتِهِمْ سَاهُونَ * الَّذِينَ هُمْ يُرَاؤُونَ * وَيَمْنَعُونَ الْمَاعُونَ}[الماعون:٤ - ٧].
فحتى منع الماعون الذي هو العارية داخل في الدين، وداخل في الوعيد بالويل والزكاة قد صار لها تعليم خاص، لكن هي كلها تخدم قضية الدين والتوحيد والارتباط بالله عز وجل، ويقول الله تعالى:{مَا سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ * قَالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ * وَلَمْ نَكُ نُطْعِمُ الْمِسْكِينَ * وَكُنَّا نَخُوضُ مَعَ الْخَائِضِينَ * وَكُنَّا نُكَذِّبُ بِيَوْمِ الدِّينِ}[المدثر:٤٢ - ٤٦] فهذه أربع قضايا: اثنتان منها يسمونها فرعية.
إذاً: قضية المال وقضية الزكاة لها ارتباط عقدي كبير، وأوضح من ذلك -إذا كنتم تريدون نفس المصطلح- قوله سبحانه:{وَوَيْلٌ لِلْمُشْرِكِينَ}[فصلت:٦] من هم؟ {الَّذِينَ لا يُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ بِالْآخِرَةِ هُمْ كَافِرُونَ}[فصلت:٧] وهناك ارتباط بين الزكاة وبين التوحيد والإخلاص، قال تعالى:{خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا}[التوبة:١٠٣].
وفيما يتعلق بالصيام، له ارتباط بالإخلاص وبالدين وبالتوحيد، قال عليه الصلاة والسلام:{من لم يدع قول الزور والعمل به فليس لله حاجة في أن يدع طعامه وشرابه} والله تعالى قال عن الصائم في الحديث القدسي: {يدع طعامه وشرابه وشهوته من أجلي} هذا هو التوحيد، وهذا هو الإخلاص، وهذا هو الارتباط بالله عز وجل، وإن كان الصيام من الفروع.