الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على خير خلق الله أجمعين، أحمده سبحانه وأشكره، وأتوب إليه وأستغفره، وأؤمن به وأتوكل عليه، وأساله من فضله المزيد، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وهو على كل شيء شهيد، وأشهد أن سيدنا ونبينا محمداً عبد الله ورسوله، شرَّفه بالعبودية والرسالة، فهو أكرم الرسل وأشرف العبيد، منصور برب العزة قبل العدد والسلاح العتيد، صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وأصحابه والتابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
أما بعد:
حُجاج بيت الله أيها المسلمون! أوصيكم ونفسي بتقوى الله عز وجل، فتقوى الله أعظم ما تزودتم، وأكرم ما أسررتم، وأجمل ما أظهرتم، وأفضل ما ادخرتم، فاتقوا الله -رحمكم الله- وأعاننا الله على لزومها وكتب لنا ثوابها.
أيها الناس! من هنا من بيت الله الحرام من البقاع المقدسة بلاد الأمن والإيمان والسلام والإسلام، حيث نزل الوحي على نبينا محمد صلى الله عليه وسلم.
من بلاد الحرمين الشريفين حيث انطلقت مبادئ حقوق الإنسان قبل أن يعرف عالم اليوم حقوق الإنسان، بل انطلقت مع حقوق الإنسان حقوق الشجر والحيوان.
من الحرم الحرام، والبلد الحرام، وفي الشهر الحرام من مواقع الصلح وحقن الدماء، من مواطن التضحية والفداء، من بلاد العفو والتسامح، حيث أطلق نبينا صلى الله عليه وسلم الطلقاء في هذا البلد الطاهر، ومن أجل كل هذه المعاني هذه دعوة لسكان العالم جميعاً ندعوهم بدعوة قرآننا وبنداء كتاب ربنا:{تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلاَّ نَعْبُدَ إِلاَّ اللَّهَ وَلا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئاً وَلا يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضاً أَرْبَاباً مِنْ دُونِ اللَّهِ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُولُوا اشْهَدُوا بِأَنَّا مُسْلِمُونَ}[آل عمران:٦٤].
إن قادة العالم يُحدثوننا عن نظام يحفظ للعالم أمنه واستقراره وخيره وخيراته، ويمنوننا بعالم سلم وسلام، تجتنب فيه ويلات الحروب والصراعات، هذه الحروب الشمطاء، والصراعات الكريهة، الذي لا ينتصر فيها غالب، ولا يستسلم فيها مغلوب، يبشروننا بعالم يحفه السلام، ويسوده الحب والصفاء والوئام، ندعوكم دعوةً إلى ديننا، فهو إيمان وعمل، وعلم وأمان، ندعوكم للقراءة المنصفة، والاطلاع المتجرد؛ لتروا {وَإِنَّا أَوْ إِيَّاكُمْ لَعَلَى هُدىً أَوْ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ}[سبأ:٢٤] ندعوكم لنظر عادل {قُلْ يَجْمَعُ بَيْنَنَا رَبُّنَا ثُمَّ يَفْتَحُ بَيْنَنَا بِالْحَقِّ وَهُوَ الْفَتَّاحُ الْعَلِيمُ}[سبأ:٢٦].