في حنين ترى في الصفوف غثاءً وحُرَّاصاً على الدنيا، وسعاة إلى المغانم ممن لا يقوم بمثلهم أمر، ولا تثبت بهم قدم، من المؤلفة قلوبهم والطلقاء، ولكن هذا الدرس تتجلى فيه سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم فهو الهادي وليس بالجابي، لطيف بتعامله، رحيم برحمة ربه، يهب ويجزل، تكرماً وتألفاً.
إن في الدنيا أقواماً تُقاد إلى الحق من بطونها لا من عقولها، لا تزال تُمَدُّ لهم حزم القوت من أفواههم حتى تدخل الحظائر أمنة، إنها ألوان من الإغراء حتى تأنس بالإيمان، وتهش للإسلام، لقد كانت غنائم عظيمة، قُدِّرت بأربعة وعشرين ألفاً من الإبل، وأكثر من أربعين ألفاً من الغنم، وأربعة آلاف أوقية من الفضة، وستة آلاف من السبي، إن أعين بعض القوم تكاد تخرج من محاجرها تطلعاً إلى الدنيا، ولقد ازدحموا على رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى اضطروه إلى شجرة، فانتزع رداؤه فقال:{يا أيها الناس! ردوا عليّ ردائي، فوالذي نفسي بيده! لو كان عندي عدد شجر تهامة نعماً لقسمتها عليكم، ثم ما ألفيتموني بخيلاً ولا جباناً ولا كذاباً} بأبي هو وأمي صلى الله عليه وسلم.