[الرعاية والخدمات الاجتماعية في عهد عمر بن الخطاب]
وقبل مغادرة هذه الفقرة لا بد من إشارة إلى ما سجله التاريخ من منجزات العُمَرَين: عمر بن الخطاب رضي الله عنه، وعمر بن عبد العزيز رحمه الله، فهي نموذجٌ للفهم الجلي والتطبيق العملي من نصوص الشرع.
ففي عهد عمر بن الخطاب رضي الله عنه ظهرت بعض النظم الاجتماعية:
أولاً: ظهرت خدمات عمر بشكلٍ واضح عام الرمادة، إذ أعسر المسلمون في الحجاز وفي نجد، وجاعوا، فكان يأخذ الطعام من الأمصار ويوزعه، وكان يرسل الطعام والأموال إلى بيوت المعوزين والمرضى، ويعتني بمرضاهم، ويجهز موتاهم على حساب بيت المال، ولم يكن ليقدم هذه الخدمات اعتباطاً، بل كان يحصر أسماء الفقراء ومن يحتاجون إلى عناية ورعاية، ومن تصلهم الإعانة فعلاً، ويقدم للمحتاجين ما يطلبونه.
ثانياً: وقد أحصى أسماء الفقراء والمساكين والعجزة، وفرض لهم مرتباتٍ خاصة، وكفل معيشتهم وكل ما يحتاجون إليه، فكان يقدم لهم مرتباتٍ منتظمة، كما يقدم لهم تمويناً من الأطعمة ثابتاً، وذلك بناءً على تجربة أجراها -وسوف نذكر التجربة بعد قليل إن شاء الله- تجربة أجراها، فعَرَف بها كم يحتاج هؤلاء من طعامٍ ومالٍ شهرياً.
ثالثاً: أحصى العائلات التي لا عائل لها، سواء أمات هذا العائل أو قُتِل، ففرض لها أعطياتٍ ومرتباتٍ شهرية وكفل المعيشة لها من بيت المال.
رابعاً: اللقطاء، والمرضى، والأطفال كان عمر يفرض معاشاً لكل فطيمٍ في الإسلام، ثم حدث أن شاهد امرأة يبكي طفلها -وسوف يأتي هذا الموضوع مفصلاً- فأصدر أمره أن يرتَّب لكل مولودٍ في الإسلام معاشٌ قدره مائة درهم يزداد كلما كبر سنه، ولم تقتصر عنايته على أولاد المسلمين الشرعيين، بل كان يجمع اللقطاء، ويفرض لهم مرتباتٍ شهرية، ويجعل معاشهم من بيت المال.
خامساً: أمر بعزل المرضى، حتى لا تُنْقَل عدواهم وخاصة من كان مجذوماً، وجعل العناية بهم من بيت المال.