حكم اللقطة: نص الحديث عن زيد بن خالد الجهني رضي الله عنه قال: {سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن اللقطة من الذهب والورق.
فقال: اعرف وكاءها وعفاصها ثم عرفها سنة، فإن لم تعرف فاستنفقها، ولتكن وديعة عندك، فإن جاء صاحبها يوماً من الدهر فأدها إليه، وسأله عن ضالة الإبل فقال: ما لك ولها؟! دعها فإن معها حذاءها وسقاءها، ترد الماء وتأكل الشجر حتى يجدها ربها، وسأله عن الشاة فقال: خذها فإنما هي لك أو لأخيك أو للذئب} متفق عليه واللفظ لـ مسلم.
هذا هو الحكم الماضي في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، وخليفته أبي بكر وعمر رضي الله عنهم، فلما جاء عهد عثمان رضي الله عنه كما في الموطأ عن ابن شهاب الزهري قال: كانت ضوال الإبل في زمان عمر بن الخطاب إبلاً مؤبلة لا يمسها أحد، حتى إذا كان زمن عثمان بن عفان أمر بتعليفها ثم تباع، فإذا جاء صاحبها أعطي ثمنها.
وكان لـ علي رضي الله عنه اجتهاد في المسألة آخر في بعض جوانبها، فقد وافق عثمان في جواز التقاط الإبل من أجل حفظها لصاحبها، لكنه رأى التقاطها والإنفاق عليها من بيت المال حتى يجيء ربها؛ لأنه رأى أن إعطاء ثمنها لصاحبها لا يغني عنها بذاتها، وكان هذا الاجتهاد من الخليفتين الراشدين: عثمان وعلي لما رأيا من تغير أخلاق الناس وفساد الذمم، فصارت بعض الأيدي تمتد إلى الممنوع؛ فترك هذه الضوال لم يعد طريقاً لحفظها على أصحابها الذي هو مقصود الشارع، فسلكا طريقاً آخر يحقق مقصد الشارع في حفظ الأموال لأربابها.