أيها الإخوة في الله: وإذا كانت لغة القرآن ولغة الإسلام بهذه القوة، وبهذه المقدرة، وبهذه المنزلة؛ فلا غرابة أن تكون مستهدفة من أعدائها، فلقد علم المشتغلون بدراسات التاريخ المعاصر، والمتابعون لمسيرة الاستعمار وسياساته أن التهجم على اللغة والتهوين من شأنها، والسخرية من المشتغلين بها، والتهكم بها في وسائل الإعلام والقصص والروايات والمسرحيات، في سياساتٍ مرسومة وحملات مكثفة، ثم تلقف ذلك من بعدهم وعلى طريقهم أبناءٌ وأجراء وعملاء نعم.
ليس من المستغرب أن تتعرض لغة شعبٍ من الشعوب في مرحلة الغزو والاحتلال إلى الإذابة والمحو؛ لأن اللغة معلمٌ بارز في تحديد الهوية، وإثبات الذات، فكيف إذا كانت اللغة هي لغة القرآن ولسان الإسلام؟!
وقد يكون من غير الحصيف -أيها الإخوة- أن نلوم أعداءنا فيما يقومون به من أجل مصالحهم، وتحقيق أهدافهم، وسعيهم في تحكيم غيرهم، ولكن الأسف والأسى أن يصدر ذلك ويتبناه فئات من بني قومنا، تعلقوا بالأجنبي وولوا وجوههم شطره ثقافياً وفكرياً، وأصبحوا ينظرون إلى ثقافة الإسلام بازدراء، وإلى لغة القرآن باحتقار، والأجنبي لم يضمن ولاءهم اللغوي فحسب، ولكنه ضمن ولاءهم الفكري والسياسي.