ثم قبل ذلك وبعده، اعلم أن الذي بيده خزائن السموات والأرض قد أذن لك بالدعاء وتكفل لك بالإجابة، وأمرك أن تسأله ليعطيك، وتسترحمه ليرحمك، ولم يجعل بينك وبينه من يحجبه عنك، ولم يلجئك إلى من يشفع لك إليه، ولم يمنعك إن أسأت من التوبة، ولم يعاجلك بالنقمة، ولم يقنطك من الرحمة، بل جعل التوبة من الذنب حسنة، وحسب سيئتك واحدة وحسنتك عشراً، بل ضاعفها أضعافاً كثيرة.
وإذا ناديته سمع نداءك، وإذا ناجيته علم بنجواك، تفضي إليه بحوائجك، وتشكو إليه همومك، وتسأله كشف كربك، وتستعين به على إنجاز أمورك، فاستفتح بالدعاء أبواب نعمته، واستمطر بالسؤال شآبيب رحمته، ولا تستبطئ الإجابة، فإن العطية على قدر النية، وربما أخر عنك الإجابة ليكن أعظم للأجر وأجزل للعطاء، وربما صرف عنك من الشر بدعائك ما لا تعلمه، وساق لك ما هو خير لك مما لا تعلمه.
نفعني الله وإياكم بالقرآن العظيم، وبهدي محمد صلى الله عليه وسلم، أقول قولي هذا، وأستغفر الله لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنب وخطيئة، فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.