للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

[الخشية]

الخشية من أهم وسائل طلب العلم المعنوية، وإذا انغرس الإخلاص في القلب ظهرت الخشية، والله عز وجل يقول في أهل الكتاب: {إِنَّا أَنْزَلْنَا التَّوْرَاةَ فِيهَا هُدىً وَنُورٌ يَحْكُمُ بِهَا النَّبِيُّونَ الَّذِينَ أَسْلَمُوا لِلَّذِينَ هَادُوا وَالرَّبَّانِيُّونَ وَالْأَحْبَارُ بِمَا اسْتُحْفِظُوا مِنْ كِتَابِ اللَّهِ وَكَانُوا عَلَيْهِ شُهَدَاءَ فَلا تَخْشَوُا النَّاسَ وَاخْشَوْنِ} [المائدة:٤٤]، لاحظ هذا الارتباط العجيب! فهذه مسئولية كلف الله بها هؤلاء؛ إذ طلب منهم أن يحفظوا كتاب الله الذي هو التوراة، فقال: {بِمَا اسْتُحْفِظُوا مِنْ كِتَابِ اللَّهِ وَكَانُوا عَلَيْهِ شُهَدَاءَ فَلا تَخْشَوُا النَّاسَ وَاخْشَوْنِ} [المائدة:٤٤].

فأهم ما ينبغي أن يعالج طالب العلم نفسه خشية الله سبحانه وتعالى، والله عز وجل يقول: {إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ} [فاطر:٢٨].

وسبق أن وقفنا عند هذه الآية، وبينا توضيح ابن القيم رحمه الله فيها، وعليها يقول الربيع بن أنس: من لم يخش الله تعالى فليس بعالم.

ويقول مجاهد: إنما العالم من خشي الله عز وجل.

وساق الدارمي الحديث بسنده عن كعب الأحبار، قال: [[إني لأجد نعت قومٍ يتعلمون لغير العمل، ويتفقهون لغير العبادة، ويطلبون الدنيا بعمل الآخرة، ويلبسون جلود الضأن، قلوبهم أمر من الصبر، أبي يغترون؟! وإياي يخادعون؟! فبي حلفت لأتيحن لهم فتنة تذر الحليم فيهم حيران]].

حينما تقع الفتن، فكثيراً ما تلتبس الأشياء، لكن إذا جعل الله عز وجل في قلب العبد نوراً -وبخاصة طالب العلم؛ لأنه هو كاشف المدلهمات والظلمات- إذا جعل الله في قلبه نوراً ونبراساً، كان هذا النبراس متولداً من إخلاصه ومن خشيته لله عز وجل، فإنه سوف ينجو من هذه الظلم، وسوف يخرج من هذه الفتن.