الزنا انتكاسة حيوانية وارتكاسة بهيمية، تذهب بمعاني الأسرة ومشاعر الإنسانية الراقية، وتطيح بكل أهداف السمو الأُسَري وعلاقات الرحم وأواصر القربى، ترد ابن آدم المكرم إلى مسخ حيواني سافل، كل همه إرواء جوعة اللحم والدم في لحظة عابرة وشهوة عارمة ونزوة حيوانية بحتة.
جريمة الزنا في المجتمعات الطاهرة تتعدى في سوئها وسوءتها إلى الأسرتين، وتجلب مآسيَ للفئتين.
الزنا نذير رعب وفزع في فشو الأمراض، ونزع البركات، ورد الدعاء.
الزهري والسيلان من أمراضه، والهربز والإيدز من أوبئته، في أمراض يرسلها الله لم تكن في الأسلاف مما يعلمون ومما لا يعلمون.
نعم أيها الإخوة: انظروا في أحوال المأفونين من أهل هذه الحضارة والمغرورين بها، لقد أطلقوا لشهواتهم العنان، استباحوا كل ممنوع، ونبشوا كل مدفون، وكشفوا كل مستور، تنصلوا من مسئوليات العائلة، وجروا خلف كل متهتكة وفاجرة، هل أدى بهم ذلك إلى تهذيب الدوافع كما يقولون؟! وهل أنقذهم من الكبت كما يزعمون؟! لقد انتهى بهم إلى سعار مجنون، لا يهدأ ولا يرتوي، لقد قل نسلهم، وتوقف نموهم مما ينذر بفنائهم.
لقد قل نسلهم لأنهم قضوا شهواتهم بغير الطريق المشروع، وتهربوا من المسئولية، وتبرءوا من سياج الأسرة، الحلال عندهم لا يفترق عن الحرام، لا يغارون على محارم، ولا يشمئزون من فواحش، العلاقات عندهم معزولة عن الخُلُق والروح والدين والعبادة.
لقد كان عادياً عندهم استقبال الآلاف المؤلفة من اللقطاء وأولاد التبني، لا يسألون: من أين جاءوا، ولا يكترثون بالآثار الاجتماعية التي يخلفها مَن لا آباء لهم ولا أمهات، وهم يزعمون أنهم أرباب العلوم والمعارف.
بلى إنهم عبيد لفنون الإثارات والتهتك التي يروجها الإباحيون البهيميون، يدفعون إليها الذكور والإناث دفعاً خبيثاً، في اختلاط مهلك، وإعلام فاضح في رواياته ومسلسلاته، مما ينضح فحشاً وخلاعةً وتهتكاً، ليس وراءه إلا لقاء البهائم.