الواقع بعد (لولا) فيها مثبتًا مذهبه على الأصل، وجعل شذوذًا في الحديث وضرورة في البيتين.
وما ذكرناه من التأويلين أولى، حتى لا يخرج (لولا) عما التزم فيها من حذف خبر الاسم المبتدأ الواقع بعد (لولا)، انتهى كلام ابن عصفور.
وقد زعم قوم أنه خبر، أي: إن ورد خبر بعد (لولا) كان شذوذًا، أو ضرورة، وهي منبهة على الأصل.
وقال شيخنا أبو الحسن بن أبي الربيع: أجازوا: لولا زيد قائم لأكرمتك، ولولا زيد جالس لأكرمتك، وهذا الذي اختاروه لم يثبت بالسماع، والمنقول: لولا جلوس زيد، ولولا قيام زيد. انتهى.
وقال أبو الحسن بن أبي الربيع في شرح الإيضاح: ذهب البصريون إلى أن الخبر بعد (لولا) لا يظهر. على هذا جرى كلام المتقدمين، ومن الناس من ذهب إلى أنه إذا كان موجودًا أو ما جرى مجراه لا يظهر، وإذا كان غير ذلك لزم الظهور، لأنه لا دليل عليه، وما لا دليل عليه كيف يحذف، فأجازوا: لولا زيد جالس لأكرمتك، واستدلوا على ذلك بقوله صلى الله عليه وسلم:(لولا قومكِ حديثو عهد بكفر لأقمت البيت على قواعد إبراهيم) ويقول علقمة بن عبدة:
فوالله لولا فارس الجون منهم ... لآبوا خزايا والإيابُ حبيبُ
فجعل (منهم) الخبر وظهر، لأنه لو حذف لم يكن عليه دليل. قالوا: فيلزم عن هذا أن يقال: لولا زيد جالس لأتيت. والمتقدمون من النحويين يمنعون ذلك ويقولون: لا تقول العرب: لولا زيد جالس، إنما تقول: لولا جلوس زيد لأتيت، ولا يكون الخبر إلا موجودًا أو ما جرى مجراه.