وأما قوله صلى الله عليه وسلم:(لولا قومك حديثو عهد بكفر)، فليست الرواية الصحيحة:(لولا حدثان)، وإذا صحت هذه الرواية فيمكن فيها التأويل وكأنه قال: لولا قومك لأقمت البيت على قواعد إبراهيم. ثم جاء:(حديثو عهد بكفر) جملة منقطعة، كأنه جواب لمن يقول: ما شأن قومهما؟ كما تقول: لولا زيد لأتيت المسجد، هو يشتم الناس، كأنه جواب لمن قال: وما شأن زيد حتى منعك الإتيان؟ فتقول: هو يشتم الناس، والشيء احتمل إذا لم يقم منه دليل.
وأما بيت علقمة: فيحتمل عندي أن يكون "منهم" متعلقًا بـ (فارس)، والتقدير: لولا هذا العظيم منهم، فوضع مكانه (فارس الجون)، والجون اسم فرس، فقد صح أن خبر المبتدأ بعد (لولا) لا يظهر. انتهى.
وقال ابن مالك في التوضيح: تضمن هذا الحديث ثبوت خبر المبتدأ بعد "لولا" أعني قوله "لولا قومك حديثو عهد بكفر". وهو مما خفي على النحويين إلا الرماني والشجري. وقد يسرت لي في هذه المسألة زيادة على ما ذكراه، فأقول وبالله أستعين: - إن المبتدأ المذكور بعد "لولا" على ثلاثة أضرب: مخبر عنه بكون غير مقيد، ومخبر عنه بكون مقيد لا يدرك معناه عند حذفه، ومخبر عنه بكون مقيد يدرك معناه عند حذفه.
فالأول، نحو: لولا زيد لزارنا عمرو؛ فمثل هذا يلزم حذف خبره، لأن المعنى: لولا زيد، على كل حال من أحواله لزارنا عمرو، فلم تكن حال من أحواله أولى بالذكر من غيرها، فلزم الحذف لذلك لما فيه، أي في الجملة من الاستطالة المحوجة إلى الاختصار.
والثاني: وهو المخبر عنه بكون مقيد، ولا يدرك معناه إلا بذكره، نحو: لولا زيد غائب لم أزرك، فخبر هذا النوع واجب الثبوت، لأن معناه يجهل عند حذفه. ومنه قوله صلى الله عليه وسلم: