أحق بالأمن) [الأنعام: ٨١]، (فأنى تؤفكون)، (فأين تذهبون)[التكوير: ٢٦]، (أم هل تستوي الظلمات والنور)[الرعد: ١٦] فالأصل أن يجاء بالهمزة بعد العاطف كما جيء بعده بأخواتها، فكان ينبغي أن يقال في (أفتطمعون)[البقرة: ٧٥] وفي: (أو كلما)[البقرة: ١٠٠] وفي (أثم إذا وقع)[يونس: ٥١]: (فأتطمعون)(وأكلما) و (ثم أإذا وقع)، لأن أدوات الاستفهام جزء من جملة الاستفهام، وهي معطوفة على ما قبلها من الجمل، والعاطف لا يتقدم على جزء مما عطف، ولكن خصت الهمزة بتقديمها على العاطف تنبيهًا على أنها أصل أدوات الاستفهام، فأرادوا التنبيه عليه فكانت الهمزة بذلك أولى لأصالتها في الاستفهام.
وقد غفل الزمخشري عن هذا المعنى فادعى أن بين الهمزة وحرف العطف جملة محذوفة معطوفًا عليها بالعاطف ما بعده، وفي هذا من التكلف ومخالفة الأصول ما لا يخفى، وقد تقدم في كلامي على (ياليتني): أن المدعي حذف شيء يصح المعنى بدونه لا تصح دعواه حتى يكون موضع ادعاء الحذف صالحًا للثبوت، ويكون الثبوت مع ذلك أكثر من الحذف، وما نحن بصدده بخلاف ذلك، فلا سبيل إلى تسليم الدعوى. وقد رجع الزمخشري عن الحذف إلى ترجيح الهمزة على أخواتها بتكميل التصدير. والأصل في "أو مخرجى هم" أو مخرجوي". فاجتمعت واو ساكنة وياء ساكنة، فأبدلت الواو ياء وأدغمت في الياء، وأبدلت الضمة التي كانت قبل الواو كسرة تكميلاً للتخفيف، كما فعل باسم مفعول "رميت" حين قيل فيه: مرميّ، وأصله: مرموي. ومثل "مخرجي" من الجمع المرفوع المضاف إلى ياء المتكلم قول الشاعر: