قال الشيخ بهاء الدين بن النحاس في التعليقة: أجمع النحاة على أنه إذا اتفق اللفظان والمعنيان جاز التثنية، كرجلين وزيدين، وإن اختلف اللفظان وقف على السماع، كالقمرين، وإن اختلف المعنيان، هل يجوز التثنية أم لا؟ اختلف في ذلك فذهب بعضهم إلى جواز ذلك ومنهم من منعه.
وذهب جماعة من متأخري المغاربة وغيرهم إلى أنهما إذا اتفقا في المعنى الموجب للتسمية، جازت التثنية وإن اختلفا في المعنى فلا، كالأسودين في الماء والتمر، لما سمي كل واحد منهما بذلك لسواده، والأحمرين في الخمر واللحم، أو الخمر والزعفران، لما سمي كل واحد منهما بذلك لحمرته.
وقال ابن فلاح في المغني: اختصت أفعال باب ظن وأخواتها بالجمع بين ضميري الفاعل والمفعول، ويكون ذلك في المتكلم، ومنه:(لقد رأيتُنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم)، وفي المخاطب نحو: وجدتك عالمًا، أي: وجدت نفسك. وفي الغائب نحو: زيد رآه عظيمًا، أي: رأى نفسه، وفي التنزيل:(أنْ رآه استغنى)[العلق:٧]، أي: رأى نفسه، (فلا تحسبنهم بمفازة)[آل عمران: ١٨٨] أي: فلا يحسبن أنفسهم.
وإنما اختصت هذه الأفعال بهذا الحكم دون غيرها لوجهين، أحدهما: أن تعلقها فيه للعلم والظن والشك، لأن تعلقها بالمفعول الثاني لا بالأول على الحقيقة، لأن الثاني هو الذي يقع فيه العلم والظن والشك فكأن الأول غير موجود، بخلاف: ضربتني فإن المفعول هو تعلق الفعل، فلا يتوهم وجوده.
والوجه الثاني: أن كون الفاعل والمفعول في هذه الأفعال كشيء واحد حملاً على الأكثر وجودًا. فإن علم الإنسان وظنه بأمور نفسه أكثر وقوعًا من علمه بغيره وظنه بغيره.